
“`التسوية التي تُطبخ في الخفاء: أمل جديد أم مسار معاد؟
*✍🏿… زكي شيكو*
لطالما كان البحث عن السلام في منطقتنا يشبه المسير في حقل ألغام، حيث الأحلام الجريئة تصطدم بواقع مُربك وملؤه التحديات. اليوم، تقف أمامنا فرصة جديدة، تسوية تُطبخ في الخفاء برعاية سعودية، وإشراف بريطاني خفي وأمريكي مُعلن، بدعم مُحوري من الأمم المتحدة، تهدف إلى توحيد الجهود بين إثيوبيا، مصر، والمنامة، لنسج حل سياسي يتم التفاوض عليه بعناية. هذه التسوية، إن نجحت، تمثل بارقة أمل لتقديم حكومة مدنية تحمل في طياتها وعد السلام.
لكن، السؤال المُلحّ يبقى: هل يمكن لهذه التسوية أن تُحقق ما عجزت عنه المحاولات السابقة؟ الأهداف المعلنة للتسوية واعدة، لكن التاريخ يُعلمنا بأن نظرة المُتشكك لا تأتي من فراغ. الخوف من أن تكون هذه التسوية مجرد “إعادة تدوير للأدوار القديمة بوجوه جديدة” هو خوف مُشروع. إن الشفافية والحوار المُستمر هما السبيل لبناء ثقة الشعب في هذا المسار الجديد.
يُعول كثيراً على دور الرعايا والمُساهمين في هذه التسوية، حيث تلعب المملكة العربية السعودية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إضافةً إلى الأمم المتحدة، أدواراً محورية في تشكيل الاتفاق السياسي. الدعم الذي يُقدمونه ليس مجرد تأييد سياسي، بل يُعتبر ضماناً لجدية العملية ومساعدة في تجاوز العقبات التي قد تظهر على الطريق.
لكن المخاوف تظل قائمة. فالتحديات والشكوك حول استدامة هذه التسوية تتجاوز الإطار السياسي لتطال أسسها. هل يمكن للتحالف الجديد أن يوقف الحرب بشكل دائم، أم أننا أمام تسوية تبقي على أسباب النزاع ومُسبباته؟ هذا السؤال يُحتم علينا التأني في الحكم على نتائج هذه التسوية، بل ويُحفزنا على المطالبة بضمانات تضمن عدم تكرار أخطاء الماضي.
إن التأثيرات المحتملة لهذه التسوية على الاستقرار الإقليمي والدولي لا يُمكن التقليل من شأنها. نحن على أعتاب مرحلة قد تُغير مجرى التاريخ في منطقتنا، والعيون كلها مُتجهة نحو هذا الجهد الدبلوماسي. فلاشك أن أي تقدم نحو السلام هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن يجب أن لا ننسى أن الأمل لا يُبنى على التفاؤل وحده، بل على خطط عملية وضمانات حقيقية تُمكن هذه التسوية من تحقيق السلام والاستقرار المنشود.
في النهاية، نحن أمام مفترق طرق يُحدد مستقبل المنطقة، ومن الضروري أن يكون الشعب جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية. فقط من خلال تعزيز الديمقراطية والشفافية والمشاركة الفعالة يمكن لأي تسوية أن تكون أساساً لمستقبل مستقر ومزدهر للجميع.“`