الذكاء الاصطناعي: بين المسؤولية والمساهمة في الحروب وصناعة شخصيات موثرة* مجدي الروبي يكتب..

*الذكاء الاصطناعي: بين المسؤولية والمساهمة في الحروب وصناعة شخصيات موثرة*
مجدي الروبي يكتب..
يشهد العالم تطوراً سريعاً في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يثير تساؤلات حول دوره وتأثيراته المتعددة في حياتنا اليومية. من بين هذه التأثيرات، تبرز مساهمة الذكاء الاصطناعي في الحروب والصراعات، وكذلك في ظهور شخصيات مؤثرة عن طريق تقنية التزييف العميق (Deepfake)، مما يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة في استخدام هذه التكنولوجيا بحذر وحكمة.
مسؤولية الذكاء الاصطناعي
تتزايد الدعوات لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي وضبطها من خلال القوانين والسياسات، لضمان عدم إساءة استخدام هذه التكنولوجيا. يعتبر الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذو حدين؛ فمن ناحية يمكن أن يسهم في تحسين الحياة البشرية بطرق لا حصر لها، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح. لذا، تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات مسؤولية كبيرة في وضع الأطر التنظيمية اللازمة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي.
مساهمة الذكاء الاصطناعي في الحروب
يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في المجال العسكري، بدءًا من تطوير الأسلحة الذكية وحتى تحليل البيانات الاستخباراتية. يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين دقة الهجمات وتقليل الخسائر البشرية، ولكن في المقابل، يثير هذا التطور مخاوف أخلاقية وقانونية حول إمكانية حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان واستخدام هذه التقنيات في شن حروب غير مبررة.
تقنية التزييف العميق وظهور المؤثرين
تعتبر تقنية التزييف العميق واحدة من أكثر التطبيقات المثيرة للجدل للذكاء الاصطناعي. يمكن لهذه التقنية إنشاء مقاطع فيديو مزيفة تبدو حقيقية بشكل مدهش، مما يسهم في ظهور شخصيات مؤثرة قد تكون غير موجودة في الواقع. على سبيل المثال، استخدمت هذه التقنية لإنشاء مقاطع فيديو زائفة فتقنية التزييف العميق (Deepfake) أصبحت وسيلة قوية لتوليد محتوى مزيف يظهر وكأنه حقيقي مما أتاح ظهور شخصيات مؤثرة بشكل غير حقيقي في العديد من المناسبات. هنا بعض الأمثلة البارزة:
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
تم استخدام تقنية التزييف العميق لإنشاء مقاطع فيديو زائفة للرئيس تظهره وهو يدلي بتصريحات لم يقم بها في الواقع. هذه المقاطع أثارت قلقاً كبيراً حول استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر معلومات مضللة خلال فترة النزاع بين روسيا وأوكرانيا.
بابا الفاتيكان
في مارس 2023، انتشر على الإنترنت صورة لبابا الفاتيكان مرتدياً معطفاً أبيض طويل وفضفاض، وهو ما أثار ضجة كبيرة قبل أن يتبين أن الصورة مزيفة وتم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي. هذا المثال يبرز كيفية استخدام التزييف العميق لإنشاء صور تبدو واقعية جداً مما قد يضلل الجمهور.
تزم إنشاء فيديو زائف يظهر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وهو يدلي بتصريحات لم يقم بها في الواقع. هذا الفيديو كان جزءاً من مشروع توعية أُنشئ بالتعاون مع الممثل جوردان بيل، بهدف توعية الناس حول مخاطر التزييف العميق.
مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرغ، كان أيضاً ضحية لمقاطع فيديو مزيفة بتقنية التزييف العميق. في إحدى الحالات، تم إنشاء فيديو يظهره وهو يتحدث عن السيطرة على بيانات ملايين المستخدمين بطرق لم يصرح بها أبداً.
كما ظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ظهر في مقاطع فيديو زائفة بتقنية التزييف العميق، حيث تم التلاعب بتصريحاته أو صنع تصريحات جديدة له لم يقلها. هذا النوع من المقاطع يستخدم في أغلب الأحيان لأغراض سياسية.
المشاهير والفنانين
هناك العديد من الأمثلة الأخرى لشخصيات مشهورة تم استهدافها بتقنية التزييف العميق، بما في ذلك ممثلين وموسيقيين، حيث يتم تعديل صورهم أو مقاطع الفيديو الخاصة بهم لتظهرهم في مواقف لم تحدث.
ظهور هذه الشخصيات بتقنية التزييف العميق يثير الكثير من التساؤلات حول الأخلاقيات والمصداقية في العصر الرقمي، ويعزز الحاجة إلى تقنيات كشف التزييف وسياسات تنظيمية لحماية الأفراد والجماعات من التأثيرات السلبية المحتملة لهذه التكنولوجيا.مما أثار قلقاً كبيراً حول التأثيرات السلبية المحتملة لهذه التكنولوجيا على الرأي العام والسياسات الدولية.
تتطلب تطورات الذكاء الاصطناعي توازناً دقيقاً بين الاستفادة من إمكانياته الكبيرة وبين ضبط استخداماته لضمان عدم التسبب في أضرار. يجب أن تتضافر جهود الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والصناعية لوضع سياسات تنظيمية فعالة تحمي المجتمعات من المخاطر المحتملة، وفي الوقت ذاته، تعزز الاستخدام الإيجابي لهذه التكنولوجيا. فقط من خلال هذه الجهود المتضافرة يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل مستدام ومسؤول.