
رحيل بطعم العلقم
بقلم عواطف جبريل
بسم الله الرحمن الرحيم
انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله .
رثاء لاحب ماعرفت من اخوات وقد تقاصرت كلماتي ان توفيها حقها.
انها ناهد صاحبة كل طبع جميل وروح شفيفة وقلب كبير يسع الجميع .
طوال الايام التي مرت على وفاة اختنا ناهد لم تطاوعني نفسي على رثائها وكنت امني نفسي ان تكون غيبوبة تعود بعدها للحياة مثلما كنت اسأل الله كل ما ذهبت لزيارتها بالمستشفى ان اجدها واعية تحادث ابنها محمد وبنتها فاطمة اللذين رافقاها في مستشفى المك نمر حتى يومها الاخير . كنت استغفر الله كثيرا عندما ادخل اليها واجدها غائبة عن الوعي الا من حركة خفيفة في اطرافها وكنت اغالب العبرة والدموع حتى لا اكسر صبر ابنائها ولكني كنت اتقطع من الداخل والعن الشيطان ولكني الشهادة لله لم اتوقع لها الموت برغم حالتها ولم يساورني شك في انها ازمة وستعدي وتجتاز ناهد الالم كما اجتازت المرحلة الاولى من مرضها بصبر تعجب له كل من عرفها ولكن لا غرو فهي انسانة قوية صابرة ومتماسكة لا تعرف اليأس ولا القنوط مؤمنة بقضاء الله لم يغير المرض وشدة وطأته من طبعها السمح
وقوة عزيمتها وكانت كعادتها بشوشة ضاحكة تحكي في المواقف المضحكة والساخرة وتمتع سامعيها بنشر الفرح على مسامعهم وكانها تواسي في من يجالسها وليس العكس وقد كانت حقا فاكهة كل مجلس لا يمل لها حديث.
ناهد اختي التي لم تلدها امي بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى منذ ان التحقت بقسم الاخبار العالمية الذي انتسبت اليه قبلها بثلاث سنوات ومنذ يومها الاول ارتاح لها قلبي وسبحان الله اول ماارادت الجلوس اخذت احد الكراسي وجلست بجانبي ومنذ تلك اللحظة لم نتفارق حتى في الورديات الا لظروف قاهرة لذلك عرفتها اختا حبيبة للقلب محبة للكل وللخير للجمبع تعطف على الضعفاء من العمال والعاملات وكانت اكثرنا تواصلا معهم وحرصا على مشاركتهم افراحهم واتراحهم .
اما بقية الزملاء من صحفيين ومهندسين وموظفين، كانت اول المبادرين لمشاركتهم مناسباتهم المختلفة دون تمييز بينهم فقد كانت اختا للكل وحبيبة للجميع تقف فى الشدائد قبل الافراح .
الرحمة والمغفرة للعزيزة ناهد التي لن تفارق مخيلتي حتى القاها في الدار الاخرة فقد تقطع قلبي حسرة والما عليها ولم تفارقني دموعي حتى الان واشكر هنا كل اخواتي واخوتي الذين اتصلوا بي معزين لمعرفتهم مكانة ناهد عندي .
وعزائي الوحيد انني حضرت ايامها الاخيرة في المستشفى بشندي حيث نزحت واسرتي منذ اكثر من عام وقد كنت امني نفسي بان يكتب الله لها الشفاء واعود بها الي منزلنا معافاة تقضي بعضا من فترة النقاهة ولكن ارادة الله غالبة.
اعتادت ناهد منذ بداية الحرب ان تأتي الى العلاج بمستشفى الذرة بشندي كل اسبوعين وتقضي معنا يوما وبعض يوم ثم تعود الى مدينة التيل بام درمان حيث تقيم هربا من جحيم الحرب في الموردة مسقط رأسها وكنت افرح كثيرا لمجيئها وارافقها مع اختي حتى تأخذ علاجها ونرجع منزلنا سائلين لها العافية .
قلبي مع اولادها محمد وحسام ووحيدتها فاطمة ربنا يصبرهم ويجبر كسرهم ويعينهم على فراقها فقد كانت لهم الظل الظليل وكانت لهم اختا قبل ان تكون اما حنينة عطوفة .
واسأل الله ان يكتب الصبر لاخونا السني على فراق رفيقة دربه ناهد خير زوجة وام لاولاده واخت له.
وربنا نسأله ان يصبر اخواتها وابناءهم وكل اهلها وجيرانها اهل حي الموردة العريق وجميع زميلاتها وزملاءها وصديقاتها ومعارفها .
لا اله الا الله محمد رسول الحمدلله علي ما اراد الله اللهم اغفر لها وارحمها رحمة ملء السموات والأرض ومابينهما اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة. اللهم انس وحدتها .
انا لفراق ناهد لمحزونون ومكلومون ولا نقول الا مايرضي الله انا لله وانا إليه راجعون. اللهم تقبلها قبولا حسنا واجعلها في عليين مع الشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
الدوام لله وحده
🤲🤲🤲🤲🤲