
الوظيفة لمن يملك الظهر… لا من يستحقها!
منبر الكلمة – جلال ألجاك أدول
لم يكن مستغربًا أن يكشف حديث الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مؤتمر تطوير الخدمة المدنية هشاشة مؤسساتنا الإدارية. لقد أسقط ذلك الحديث قناع الاحترافية والنزاهة الذي طالما توهّمناه، ووضعنا أمام الحقيقة المُرّة في السودان اليوم: الوظيفة أصبحت غنيمة لمن يملك الظهر، لا لمن يستحقها بكفاءة أو خبرة.
من جرّب طرق أبواب الدوائر الحكومية، يعلم جيدًا أن معايير التعيين الحالية لا تعترف بالكفاءة. الأولوية دائمًا تُمنح للانتماء السياسي، والقبلية، والعلاقات الشخصية. هذه الشبكة المتداخلة من الولاءات والمحسوبية ليست طارئة، بل هي إرث ثقيل من سياسات التمكين، التي دفنت مفهوم العدالة المهنية.
“It’s not what you know, it’s who you know” – لم تعد هذه الجملة تعبيرًا مجازيًا، بل واقعًا مريرًا نراه كل يوم.
تحولت مؤسسات الدولة إلى مرتع للمحسوبين، تُباع فيها الترقيات وتُشترى المناصب، ويُقصى كل من يسعى إلى أداء مهني نزيه. المحاسبة مُعلّقة، والشفافية غائبة، والإصلاح يزداد بُعدًا.
السؤال المؤلم هنا هل تكفي التصريحات؟ أين هي التشريعات الملزمة بالتعيين على أساس الكفاءة؟ وأين استقلالية أجهزة الرقابة التي تُذكر كثيرًا ولا تُفعّل؟
إصلاح الجهاز الإداري يعني قطيعة تامة مع منطق الولاء، ويحتاج إلى:
آلية شفافة للتوظيف تعلن الوظائف بوضوح وتعتمد معايير واضحة.
سلطات رقابية فعّالة ومستقلة تراقب وتحاسب.
قوانين تُجرّم المحسوبية وتعاقب عليها.
دور نشط للمجتمع المدني والإعلام في كشف الفساد.
ما نحتاجه اليوم هو إجراءات جريئة، لا وعود مؤجلة.
Less talk, more action.
إما أن نعيد للوظيفة معناها الحقيقي، أو نستمر في تدوير الفشل باسم الخدمة المدنية.