مقالات الرأي
أخر الأخبار

علي حافة الوطن (٢) …. “على حافة التلفاز،، كروزر الدعامة” بقلم حياه حمد اليونسابي

علي حافة الوطن (٢) …. “على حافة التلفاز،، كروزر الدعامة”

في زحمة الأوجاع، لا شيء يشبه خيانة الصوت الذي كان يومًا يردد اسمك بحب، ثم باعك في سوق الترددات مقابل سلطة الموجة الأقوى.

في الزمن الذي انقسم فيه الوطن على نفسه، واصطفت البنادق في مواجهة الذاكرة، خرجت بعض الأصوات من قلب الأثير لا لتضمد الجراح، بل لتوسّعها. صوت أنثوي ناعم كان يومًا يرتدي وشاح الوطن، ثم خلع عباءته على عتبة مصالح شخصية، زوجية، وربما مالية.

ما أقسى أن يتحول المذياع و التلفاز من منبر للحق إلى منصة تبرير! ما أقسى أن يتماهى المايكروفون مع خريطة ممولة لا تعرف من السودان سوى موقعه الجغرافي على طاولة المصالح!

تلبست الكلمات بزيف الحياد، وتسلل السم في ثنايا الأسئلة: اتهامٌ في صورة استفسار، وتشويهٌ مغلفٌ بموسيقى النشرة. كان الصوت حادًا، لا يسأل ليعرف، بل ليُدين. وكأن في داخل المذيعة قاضٍ يحاكم بلده على الهواء مباشرة، بتهمة أنه لم يعجب شركاء زوجها.

يُقال إن الأب قد تبرأ، ليس لأنها خرجت على تقاليد الأسرة، بل لأنها خرجت على الوطن، وغاصت في وحل الخطاب الموجه. ما أقسى أن يتنكر لك البيت الأول لأنك اخترت بيت الطاعة في دار أخرى.

هكذا يصير الإعلام سيفًا بلا غمد، والكلمة رصاصة. لا لأن الحقيقة موجعة، بل لأن النية خائنة، والهدف ليس تنوير المشاهد، بل تضليله، وتحميل البندقية فوق كتف الضحية.

في معركة الوطن، ليس كل من يملك صوتًا هو معك. أحيانًا، يكون الصوت أنيقًا، والمظهر احترافيًا، لكن النَفَسَ مسموم.

ولعلنا نردد مع كل موجة جديدة:
“احذر من الذين يرفعون شعارات المهنية، وهم يرتدون زي المرتزقة.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى