على حافة الوطن (٨) | علي انقاض الذاكرة.. تنهض إمارة اللصوص. بقلم حياه حمد اليونسابي

على حافة الوطن (٨) | علي انقاض الذاكرة.. تنهض إمارة اللصوص..
بورتسودان/ Savior media 24
حياه حمد اليونسابي
من أرضٍ تشرب الملوحة وتتكئ على صبرٍ مصلوب، جاء البيان لا كإجراء دبلوماسي، بل كصفعة على خدّ الغفلة. السودان، الجريح والصلب في آنٍ واحد، يعلن الإمارات دولة عدوان. هكذا، دون مواربة، ودون أن يضع قفازات المجاملة في يده الممدودة بالحق.
الإمارات التي تتنكر لخرائط الجوار والانتماء، تبني برجها العالي على أطلال الآخرين. لم يكن لها تاريخ يُروى، فاستعارته من تواريخ سواها. لم يكن لها حجر يُباهي، فنهبت حجارة الحضارات. جمّعت آثار العالم كما تُجمع التحف في قصرٍ زجاجي لا ظلّ له، وتغذت على ذهب أفريقيا، ونفط العرب، وعرق الفقراء. أرضٌ بلا ذاكرة، فاختارت أن تسرق ذاكرة الأمم لتصنع لنفسها قشرة حضارة مزيفة.
لكن حينما جفّ ماء الخداع، بان وجه العدوان. فمن وراء الميليشيات، ومن فوق الطائرات المسيّرة، ومن داخل القاعات الباردة التي تُطبخ فيها المؤامرات، امتدت يد الإمارات إلى قلب السودان. مولت التمرد، وأغرقت الأرض بسلاحٍ لا يصنع الحياة بل يفتتها. قصفت الموانئ، عطّلت المطارات، أطفأت الكهرباء، وحاصرت مدناً تبحث عن الماء للغسيل، لا للترف.
الخرطوم لم تعد تقرأ النوايا، بل تقرأ الخرائط الجديدة التي يراد لها أن تُرسم بدمنا. البيان لا يعلن فقط القطيعة، بل يعلن استعادة المعنى — أن السيادة لا تُقايض، وأن الصمت خيانة.
ومن على الحافة، نهمس في أذن هذا العالم:
الإمارات ليست دولة طموح كما يظن السُذّج، بل دولة امتصاص. طفلة مدللة في السياسة، ولكنها عجوزٌ في الخديعة. تعيش على ثروات غيرها، وتأكل من موائد الغير، وتبيع الجغرافيا بالدولار، والكرامة بالإيجار.
وفي زمنٍ يُختبر فيه جوهر البلاد، لا وقت للرماديات.
إما وطنٌ مكتمل، أو بيوتٌ من رمل، تنهار في أول ريح.
والسودان… ليس رملًا.