
على حافة الوطن (٢١)•••حين فشلت رشاوى الخليج في كسر إرادة وطن•••
بورتسودان/ حياه حمد اليونسابي
ترامب لم يهبط أرض الخليج كرئيس يحمل هموم العالم، بل كتاجر يعرض نفسه في مزاد الدولارات. الحقائب كانت ممتلئة، لا بوثائق سياسة، بل برشاوى مدهونة بلغة المصالح والصفقات. من الرياض إلى الدوحة، ومن أبو ظبي إلى عواصم القرار الخفي، كانت الأموال تُدفع بسخاء، لا لشراء الأمن، بل لشراء المواقف.
السودان، ذاك البعيد الحاضر دائمًا في خرائط الطمع، كان الهدف غير المعلن. العقوبات التي فُرضت لم تكن عقوبة على جريمة، بل تمهيدًا لسرقة. تمهيد لتدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة، حتى تُنهب ثرواته الخفية: الذهب، اليورانيوم، الأرض، والميناء.
لكنهم أخطأوا الحساب.
فالسودان ليس حقلاً مهجورًا، ولا أرضًا بلا أصحاب. لا يعلمون أن في عمق هذه الأرض جيشًا لا يُشترى، وشعبًا لا يُخدع. جيش تمرّس على حماية الوطن في صمت، حين كان الساسة يبيعون كل شيء باسم “السلام” و”الحرية” و”العلاقات الدولية”.
تلك الشعارات اللامعة كانت غطاءً لمخططات دعم المليشيات، وتمكين الجنجويد، وإضعاف الوطن من الداخل، ليصبح جاهزًا للهيمنة الخارجية. لكن الشعب السوداني، رغم الجراح، لم يفقد البوصلة. التفت حول جيشه، لا لأنه مثالي، بل لأنه لم يخن. لأن من وقف في الخندق الأخير ليس من وقع اتفاقات العار، بل من حمل البندقية دفاعًا عن تراب البلاد.
ومع كل محاولة لخنق الوطن، كانت الأرض تُنبت مقاومة. من أبو حمد إلى أم سدع، من دارفور إلى الشرق، الشعب يكتب فصله الأخير في رواية طويلة من التآمر والتحدي.
حين فشلت رشاوى الخليج في كسر إرادة وطن، أدرك الطامعون أن السودان ليس سهلًا كما ظنوا. وأن الشعوب، حين تصحو، تُفشل أكبر التحالفات. وأن الكرامة، مهما جاع أهلها، لا تُباع، ولا تُشترى.
على حافة الوطن… حيث تتكسر المؤامرات على صخرة الوعي، ويسقط الأقنعة أولئك الذين باعوا أنفسهم للشيطان، سيبقى السودان واقفًا، لا ينحني إلا لله.