انفك الساجور …… حسام الدين محجوب على تم كسر الساجور ، لا يعلم الكثيرون ان كان بنجاح او بنصف فشل و لكنه كُسر

انفك الساجور ……
حسام الدين محجوب على
تم كسر الساجور ، لا يعلم الكثيرون ان كان بنجاح او بنصف فشل و لكنه كُسر .
تعيين رجل مرفوض من الكثيرين لعلمهم به سماعياً او حقاً ، هو امر غير مقبول و لكن فى السياسة لا يوجد شخص مقبول من الكل و محبوب من الكل و إلا لكانت دبلوماسية و ليست سياسة ، فقط الدبلوماسى من يجب عليه تجنب عدم ارضاء الكل و هذا أس مهنيته .
تعيين رئيس وزراء للسودان خطوة مهمة تأخرت ٤ سنوات منذ استقالة دكتور عبدالله حمدوك و رحيله عن البلاد ليلة إذاعته الاستقالة و ” رد الأمانة لاهلها ” كما اعلن . طالب السودانيون حينها من رئيس البلاد اتساقاً مع التوافق ما بعد الثورة على نظام حكم مختلط ، تعيين رئيس وزراء فوراً و لكن تردد الرئيس فى اتخاذ هذه الخطوة بحجة التوافق الذى طالب به بين كل القوى السياسية على شخص رئيس الوزراء و هو احد أسباب الحرب التى اندلعت ، أو يمكننا القول انه احد الحجج التى أدت لاتفاق مجموعة على المحاولة لاستلاب السلطة و اندلاع الحرب . حتى الدول الخارجية التى ساندت المليشيا و المجموعة الارهابية على الحرب و التى ظنوها حينها مجرد محاولة انقلاب سريعة مؤكدٌ نجاحها بمجموعة مسلحة تابعة للجيش الوطنى للبلاد أو قواته النظامية و سياسيون مرتزقة يتكالبون على السلطة حتى و لو على أشلاء المواطنين ، حتى هذه الدول لم تكن لتجرؤ على الاستمرار فى فعلها فى وجود رئيس وزراء .
ما حدث الآن كان يمكن ان يحدث حينها ، فالآن عين الرئيس ، رئيس وزراء غير متفق عليه ، بل و من أكثر المرشحين عدم مقبولية كما تبين من غالب ردات الفعل على الرجل ، لكنه عينه و لا يعلم الجميع هل هو جهل بشخص الرجل او معرفة شديدة به غلبّت اختياره رغم اتساع جبهة الرفض .
الدكتور كامل إدريس من السودانيين القلة التى وصلت لدرجة مدير عام Director General لإحدى المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة ، لكنه و خلال فترة عمله كمدير لمنظمة الملكية الفكرية دعم بالتدريب ، التأهيل و المعدات إنشاء إدارة الملكية الفكرية فى النظام العدلى و القضائى السودانى . خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير ، عمل كامل إدريس على تصالح الدكتور حسن الترابى و رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدى و شهد مقره فى سويسرا عدة جولات لهذا الهدف .
المآخذ على كامل إدريس شخصية اكثر منها سياسية ، فهو لم يجرب فى السياسة حيث انه حاول مراراً تقلد مناصب سياسية و لكنه لم يفلح ، لذا فمن الصعب الحكم على ادائه السياسى و لذا فرفضه يأتى لعاملين أساسيين ؛
أولهما ، شخصى بحكم طريقة خروجه من المنظمة الدولية و الذى يحكمون به على شخصيته و انه لا يجب بموجبها ان يمثل الشعب السودانى و انه لن يكون الشخص الذى يحقق تطلعات الشعب السودانى فى هذه المرحلة المفصلية من تاريخه .
ثانيهما ، انه لن يتمتع باحترام المجتمع الدولى و لن ينتفع السودان بوجوده على قمة هرمه التنفيذى بحصد دعم دولى ، البلاد فى امس الحاجة اليه و قد ظهر ذلك جلياً فى كيفية تعاطى أمين عام الأمم المتحدة مع تعيينه ، باعلان اخذه علماً بالتعيين دون ترحيب بذلك التعيين كما جرت العادة و لكنه تمنى توقف الحرب و عودة الحكم المدنى أياً كان .
اما الاتحاد الافريقى فقد رحب به و بعودة الحكم المدنى للبلاد و كذلك جامعة الدول العربية . اما الولايات المتحدة الاميركية فبالتأكيد سيكون لها رد فعل غير المأمول لرفضهم له بشخصه ، لذا على كامل إدريس رئيس الوزراء ان يعمل على كسب الشعب السودانى ليحظى باحترام العالم الخارجى و ليس العكس فمن سبقه حظى بدعم العالم الخارجى و لكنه لم يحظى باحترامهم .
من الواضح ان هناك مهمة محددة قبل رئيس الوزراء المعين القيام بها و هو يعلم تبعات قبوله ، هذه المهمة لم يرغب رئيس البلاد فى ان يكون على رأسها بل ان يمسك بقلبها ليسكته ان فشلت و يتصدرها ان فلحت .
المهمة الصعبة التى من شأنها إيقاف المدافع و إنهاء الدعم العسكرى للمليشيا الارهابية و التى شيطان تفاصيلها يتعوذ منه كل راغب فى العيش فى وطنه و بين شعبه و أهله ، مهمة تتطلب التواصل مع شيطان الحرب و بيع الخلاصة لشعب يراقب كل حركة و سكون ، شعب دفن ميته و مات حيه و سُلبت روحه ، شعب نُهب ثمينه و هُتك غاليه و لكنه ينتظر نهاية ليله بكرامة و إشراق شمسه دون اذلال و بعزة تامة و احقاق حق لا يجب ان يضيع مهما كان الثمن .
اعلن الناس رفضهم لقرار رئيس البلاد بشخص التعيين ، لكنهم اعلنوا للشخص المعين انهم سيعطونه الفرصة ليروا فعله رغم علمهم بشخصه و ماضيه الذى يرفضون بعضاً منه ، ربما كعادة السودانيين .
السودان الآن فى لحظة وجودية ، لا يتحمل مغامرات المغامرين و لا أحلام المستجدين ، السودانيون لم يطلبوا من رئيس الوزراء التنازل عن مرتبه و لا مخصصاته ، فمن الأفضل لهم و له ان يأخذ مرتبه و مخصصه مهما علا و لكن ، كما جرى العرف فشرط الأخذ العطاء ، ففرض عليه ان يعطيهم مخصصاتهم و مرتباتهم و ألا يسمح او يعين على نهب خيراتهم او ضياع ثرواتهم ، فكفى نهب لهم و خداعهم بمكرمات سارقيهم و صدقات تؤخذ من أموالهم باليمنى و تعطى باليسرى .
لقد خبِر السودانيون من قبل من رفض المرتبات و المخصصات و لكنه لم يرتدع عن أخذ أموالهم بليل و سماها استرداد و اخرون استنوا سنة غير حميدة فى نهب المال العام و سموها بأسماء حميدة و العياذ بالله .
تعيين الدكتور كامل إدريس ، بغض النظر عن شخصه يجب ان تحسم الجدل حول الحكم فى السودان و ماهيته و شكله ، بالتأكيد ستضع حداً للصوص المناصب و لن يستطيع عبدالله حمدوك و شيعته الان نكران استقالته و شرعنة سرقته للقب رئيس وزراء السودان و الذى يرفض إلحاق ” سابق ” به .
رسالتى لكامل إدريس الشخص ، ان يعمل جاهداً لإثبات سودانيته ، فقد دنس سلفك سودانية الموظف الدولى و عزة انتمائه و قد جأتك الفرصة لإثبات ان الماضى دروس و عبر لا ينكرها إلا غبى صغير و يستفيد منها الكبار و يفيدون بها غيرهم .
الان نستطيع ان نصون هيبة رئيس الدولة السودانية ، فيجب ألا نراه يلتقى بكل وزير ، نائب وزير او مدير ادارة اجنبى يزور البلاد و كأنه الموظف الشامل فى البلاد . السودان بلد كبير بحكمه و قيمته و فى إقليمه ، لذا رفضنا و نرفض إلحاق القاب عسكرية برئيس الدولة ، ففخامة الرئيس عبدالفتاح البرهان اعلى و ارفع من قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان و لا تنتقص من عسكريته و لا مكانة الجيش السودانى و لكنها تنتقص من هيبة الرئاسة و تلحقها بإحدى مؤسسات الدولة و تنتقص من شرعيته فى دولة سيادتها التامة مدنية و العسكرية القوية المهابة ، جزء من مؤسساتها و ليست قمة مؤسساتها . اعضاء مجلس السيادة لا يجب ان يخاطبوا بصفتهم العسكرية بل بصفتهم المدنية السيادية ، مع عدم قناعتى بوجوده اساساً ، فالسودان جمهورية ، يجب ان يكون لها رئيس جمهورية بدلاً من رئيس لمجلس ادارة يدير البلاد Chairman of the Sovereign Council.
آمل ان تثبت ان لرئيس الوزراء و لمؤسسة رئاسة الوزراء هيبة و مكانة ، كما ان الارتقاء بالمواطن و ليس قهره ، تأمين حياته و مسكنه و استقرار مستقبله يعيد للمواطن هيبته و مكانته التى افتقدها زمناً ليس بالقصير . آمل ان يشعر السودانى انه عزيز و انك من يكرمّه بعد الله و ترفع من شأنه و ترفض اذلاله ، لأنك تفخر بان تكون خادمه و ليس سيده ، فلا سيد للشعب بل خادم يخدمه و سيد يمثله . أمل ككل زعيم يحترم نفسه و شعبه ، ان تجعل عزة المواطن السودانى اول بند فى اجندة محادثاتكم و كل مساعديك مع مسؤولى الدول الأخرى ، إلغاء تأشيراتهم و تسهيل حركتهم فى العالم ، تسهيل إقامتهم فى الدول الأخرى حتى عودتهم لوطنهم .
فتح سبل التجارة لهم فى العالم اجمع و عدم تقديم الاجنبى عليهم فى الاستثمار او التجارة فى السودان و تحفيزهم على ادخال أموالهم للبلاد و اعادة عجلة التصنيع و الإنتاج و توفير الحماية لهم ، وضعهم كأولوية فى الاستثمار و ليس تحفيز الاجنبى و تنفيرهم من العمل داخل وطنهم كما فعل كل المسئولين و قيادات الدولة بإصرار طوال الخمسة و ثلاثون عاماً الماضية .
فرض احترام المواطن على كل دبلوماسى فى كل السفارات و الممثليات خارج الوطن ، التإكيد على كل دبلوماسى ان مهمته الأولى ليست تحسين العلاقات مع دولته المضيفة لاهداف سياسية فقط بل لخدمة المواطن السودانى فى هذه الدولة اولاً و تسخير العلاقة لاحترام المواطن و تأمينه حتى عودته سالماً بغض النظر عن ظروف تواجده فى هذه الدولة . الأمل الحقيقى القضاء على رغبة السودانى فى الانتماء لغير السودان لاجئاً او مواطناً لدول أخرى .
أما إنهاء الحرب ، دولة رئيس وزراء السودان ، فتكون بالحديث المباشر مع من يحارب السودان ، ليس من يحمل السلاح ، بل من يعطيه السلاح و أظن ان هذه مهمتك الأساسية الآن بالإضافة للمهام الداخلية و الخارجية الهامة و التى بالطبع سيعينك فيها من تختاره ليعينك . الدعم السريع مليشيا ارهابية و المعارضة الخارجية مرتزقة ارهابيون لا يستحقون السودان و لا يستحقون النظر اليهم بل دع من يعينهم و يقدرهم ان يبتلى بهم و سيلفظهم عاجلاً ليس آجلاً .
لذا من الضرورة ، حديثك مع محمد بن زائد و ليس مبعوثيه ، ليس من مهمتك تحميله المسؤولية و لا تنتظر منه اعتراف بتحمّلها فهو مسؤول أمام الله و التاريخ ، فهو رأسها المدبر كما يعلم ذلك كل سودانى و ما يهمك هو اعتراف السودانيون بما يعلمونه و ليس غيرهم ، لذا ففرض شروط مسبقة للقاء لا عقل يقبلها و لن تذهب اليه فى داره بالطبع فقد حُرمت هذه الديار على السودانى المكلوم و انت رب دار هؤلاء المكلومين .
اللقاء شروط نجاحه إيقاف الحرب ، تسليم كل مرتكبى الجرائم ضد الشعب السودانى و المتواجدون داخل الإمارات العربية المتحدة ، تسليم أموالهم و ممتلكاتهم لحكومة السودان كجزء من التعويضات ، اعادة إعمار السودان حقاً و ليس منة.
هناك مهمة شاقة و لكنها شرط نجاحكم ، فالمطلوب الآن إيقاف كل تدخل فى الشأن السودانى ، أصدقاء السودان جميعهم لا يسمحون بالتدخل فى شأنهم الداخلى و أشقاء السودان يرفضون بتاتاً من يتدخل فى شأنهم الداخلى ، فلما السودان شأنه الداخلى هو شأن وطنى لكل دول الجوار و الإقليم و العالم . كل من يجتمع خارج السودان للتفاكر فى امر وطنى خائن ، كل من يطالب بوساطة خارجية بين سودانيين خائن و كل من يتحدث مع اجنبى فى شأن يخص الوطن او استقصاء رأى يخص الوطن خائن . لا يوجد شئ اسمه علاقة شخصية مع سفراء الدول دون الاستئذان من السلطات الرسمية المختصة فى البلاد ، السودان البلد الوحيد الذى يتفاخر قلة تدعى النخبوية بعلاقاتهم بالسفراء و السفارات بل يظنون انهم يجب ان يخيفوا قيادات وطنهم بعلاقاتهم بالأجانب و تواصلهم معهم .
أظن انك من تستطيع فرض التعامل بالمثل مع الدول الأخرى و خصوصاً الجوار Reciprocity ، السودان طوال عهوده يدعم الأمن الغذائي لدول الجوار دون ان تعترف اى من هذه الدول بذلك و قد ظهر ذلك جلياً فى فترة الحرب الآن ، يعود ذلك لسببين رئيسين ، هما الفساد السياسى و الجهل المجتمعي و انعدام الحس الوطنى . معظم السياسيون فى العهود السابقة يسمحون باتفاقيات مجحفة بين السودان و دول الجوار و معظم المجتمعات فى الشريط الحدودي مع دول الجوار لهم ارتباطات عرقية او مجتمعية تدفعهم للتعامل مع تهريب المواد الضرورية و المحاصيل و حتى الوقود من السودان دون النظر للبعد الاقتصادي و الأمنى لهذه الأفعال . من الطبيعى ان كل ذلك نتيجة لتفشى ثقافة الفساد و التى تساعد الآن فى اطالة امد الحرب ، فكل فعل فيه مستفيدون ، لن يتوقف إلا بازالة الفعل و ضرب المستفيدين.
فخامة الرئيس عبدالفتاح البرهان و دولة رئيس الوزراء كامل إدريس ، لقد اخترتما بعضكما و توافقتما على امر ما و بالتأكيد الشعب السودانى فى قلب هذا الأمر فآمل ان تكونا و من معكم رأس هذا الأمر و عقله و أتمنى ان ينتفع السودان الدولة قبل الوطن بتلاقيكم معاً ، فالكثيرون الان ينكرون وجود هذه الدولة و من لا ينكرها يحاول تدميرها ، لذا فوجود الدولة اولوية لا تسبقها اولوية فليدفع كل منكما بشرعيته و يفرض شخصه على العالم و على من يلبسون ثوب الوطن و هم له ممزقون .
اوقفوا الحرب و لكن دون المساس بثوابت الشعب التى خطها بدمه فى الحرب و ما زال ، اوقفوا من ينهب ثروات الشعب الان مستفيداً من الحرب و اوقفوا من يتعسكر الان متخفياً بالحرب و اوقفوا من يلعب بحدود الوطن فى الشمال و الغرب و الشرق و الجنوب مستغلاً الحرب . اوقفوا المليشيات و قدسوا الجيش الوطنى فهو عماد امن هذه البلاد و ليس كثرة المسلحين و انتشارهم المقنن .
اخى فى الوطن رئيس الوزراء المعين ، هناك من قال ان ليس لك من اسمك نصيب ، فاعمل على ان لا تُبقى لهم من اسمك نصيب .
فى أمان الله وطنى ، فقد دقت ساعة الحقيقة ….. آمل إلا تُخذل ، فوقت التجارب قد ولى .