مقالات الرأي
أخر الأخبار

فليكن إرثك، كرامة الوطن والمواطن… ١-٤ حسام الدين محجوب على

فليكن إرثك، كرامة الوطن والمواطن…
١-٤

حسام الدين محجوب على

لا أعلم من أول من أطلق على هذه الحرب في السودان اسم “حرب الكرامة”، ولكن من فعل ذلك يستحق الذكر، بل والتاريخ، فقد عبّر بهذا الوصف عن جوهر ما يحدث، وعن ما ينبغي أن يكون في مستقبل هذا الوطن.

ما حدث في السودان جاء من حيث لم يكن يتوقع أحد. كل الشعب كان يتوقع مجرد “أشكال عسكري” بين فصيلين، لا أكثر. أحدهما فصيل مُنح استقلاليته عن المؤسسة العسكرية الوطنية ، في ليلة حالكة ولسبب لا أظن حتى من منحه يعرف لماذا فعل ذلك. لكن المؤكد أنه نادم، والمؤكد أيضًا أنه سيسأل عنها أمام كل الشعب السوداني.

هذا الفصيل لم يستخدم استقلاليته لبناء الوطن، لكنه أساء استغلالها، فصار أداة لقوى جهوية وجهلاء، وتحالف مع مصالح إقليمية ودولية مجرمة، استغلت جهله وغريزته الإجرامية، فدمر بها الوطن.

هنا، هبّ الشعب السوداني، دفاعًا عن وطنه، ونهض في مكان ما شخصٌ استنهض فينا “حس الكرامة”. هذا الحس المتأصل في وجدان السودانيين، الذين عُرفوا على مر العصور بعزتهم، وإنسانيتهم، وانتمائهم. فأطلق على هذه الحرب بحق اسم “معركة الكرامة”. لكنه لم يكن يعلم أن الكرامة ليست فقط في دحر العدوان، بل في نهضة أمة كاملة، وإعادة بناء وطنٍ من الصفر.

السودان بلد مترامي الأطراف، محيطه فقير، ويعتمد عليه في طعامه، وتعليمه، وعلاجه، وحتى في تواصله مع العالم. هذا المحيط ارتبط بالسودان دون منّة، ولكن بمرور الزمن، ظنّ بعضهم أن ما يحصلون عليه من السودان هو حق مكتسب، لا فضل فيه.
ولأن الحدود الجغرافية لا تلغي التداخل الاجتماعي، فإن الانتماء الوطني ظل مشوشًا، مما ادى لتأخر تنمية الأطراف و نهضة البلاد ، حتى جاءت لحظة الحرب، وفطن فيها السودانيون لهويتهم الحقيقية.
في الشمال، تغلّب الانتماء النوبي والمصري على الوطني، وفي الشرق، تكرّس التواصل مع العمق الإثيوبي والإريتري، بينما في الغرب والجنوب الغربي، ترسّخ الارتباط بتشاد وأفريقيا الوسطى، حتى صار لبعض الناس مقامان، أحدهما خارج حدود الوطن. أما فى الجنوب فصار الجنوب جنوبان ، احدهما دولة .

هذه الازدواجية رسّخت الشعور بالتهميش، وأدخلت السودان في دوامة من الحروب الداخلية، أكلت موارده، وأخّرت نهوضه، وجعلته مطمعًا حتى للدول البعيدة، تحت ذرائع مختلفة. من أخطر هذه الذرائع تلك النظرة الاستعلائية التي ترى في الشعب السوداني شعبًا جاهلًا، كسولًا، لا يستحق ثرواته.
والأعجب من ذلك، أن بعض من يتذرعون بحقوق الإنسان والديمقراطية و ضرورة تطبيقها فى السودان و لو بابادته ، لا يمارسونها في بلدانهم. سواء من الجوار أو من العرب أو غيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى