مقالات الرأي
أخر الأخبار

مسارب الضي | د. محمد تبيدي 🔺 من الحرب إلى الحياة: الخرطوم تُطوّق الكوليرا باللقاح

⭕ مسارب الضي | د. محمد تبيدي

🔺 من الحرب إلى الحياة: الخرطوم تُطوّق الكوليرا باللقاح

في لوحةٍ من الصمود تُسطِّرها الخرطوم بالحرف والنبض، دشّن والي ولاية الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة، صباح اليوم، الحملة الثانية للتطعيم ضد وباء الكوليرا، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة تُبشّر بالخلاص الصحي والانعتاق من كابوس الوبائيات.

وقد أكدت وزارة الصحة بولاية الخرطوم أن الجائحة أصبحت على مشارف الوداع، بعد أن انحسر مدّها العاتي، وسجّلت حالات الوفاة جراء مضاعفاتها نسبة صفرية، في مشهدٍ يُشبه تمامًا “الطلقة الأخيرة في نعش الوباء” – على حدّ تعبير مدير عام الوزارة د. فتح الرحمن محمد الأمين.

وقد انطلقت الحملة بحضور رسمي رفيع ضمّ والي الخرطوم، ومدير عام وزارة الصحة، ومدراء الإدارات العامة، والمشرفة على الحملة من وزارة الصحة الاتحادية سستر أمل محمود، حيث تستهدف الحملة تطعيم ما يزيد عن (2 مليون و600 ألف) مواطن من عمر عام، موزّعين على (12) وحدة إدارية بالمحليات: أم درمان، أمبدة، كرري، جبل أولياء، وشرق النيل، وتستمر لمدة (10 أيام).

وفي كلمته خلال مراسم التدشين التي أُقيمت بمقر وزارة الصحة بمستشفى أم درمان، أشار والي الخرطوم إلى أن الولاية شهدت “ملحمة دحر الوباء بعد دحر المليشيا”، مضيفًا أن الانتصارات الميدانية في الأمن تزامنت مع انتصارات صحية أعادت الأمل إلى قلوب الناس.

وقال الوالي: “لقد أثبتت ولاية الخرطوم أن بإمكان الحياة أن تولد من رحم الألم، وأن الشمس قادرة على الشروق ولو حاصرها الغيم. لذا فإننا نُوجّه كل الجهات المختصة بعدم التراخي، لأن ما بين النصر والانتكاس شعرةٌ من الغفلة”.

وثمّن سيادته أداء وزارة الصحة، مؤكدًا أنها كانت وما زالت في الصفوف الأولى لمواجهة الوباء، كما عبّر عن تقديره الكبير للمنظمات الأممية والوطنية، ولمجتمع المتطوعين، الذين عملوا بقلوبهم قبل أيديهم، مشيرًا إلى أن الكلمة الصادقة من الإعلام لا تقل أثرًا عن الجرعة الوقائية.

وبنبرة من الثقة المتزنة، أكد د. فتح الرحمن محمد الأمين، أن اليوم يسجّل لحظة تاريخية في سجل الصحة السودانية، وقال: “مضينا باللقاح إلى المواطن، لا العكس، وهذه حملة حياة… وليست مجرد إجراء صحي. نُعلن بلا مواربة أن ولاية الخرطوم على أعتاب إعلان التحرّر التام من الأوبئة”.

وفي السياق ذاته، حيّا مدير عام الوزارة والي الخرطوم على انضباطه وحرصه في ملاحقة الوباء حتى زواله، مشيرًا إلى أن المليشيات المتمردة كانت سببًا رئيسًا في تفشي الكوليرا، إذ أجبرت الآمنين على شرب الماء الملوث بعد حصارهم، فاندلعت نيران الأوبئة وسط موجات النزوح، لكن الدولة – رغم الجراح – لم تخذل مواطنيها، بل نهضت من تحت الركام.

ومن جهته، ناشد د. هشام عبدالله، مدير الإدارة العامة للرعاية الصحية الأولية، مواطني الولاية بالتعاون التام مع فرق التطعيم المنتشرة بالمحليات، مؤكدًا أن اللقاح آمن وفعال، وأن الوعي المجتمعي هو السلاح الأقوى في خوض المعركة النهائية.

هكذا تمضي الخرطوم في مسارب الضيّ، تحفر في الصخر، وتبذر في الجدب، وتعلن على الملأ أن النصر لا يُهدى، بل يُنتزع… وأنّ الكوليرا، وكل وباء دونها، ما هي إلا سحابة صيفٍ عن قريبٍ تنقشع.

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى