زكي شيكو: مرشح لحقيبة وزارية اتحادية… هل نحن أمام تجربة حقيقية أم حالة رمزية؟

زكي شيكو: مرشح لحقيبة وزارية اتحادية… هل نحن أمام تجربة حقيقية أم حالة رمزية؟
بقلم: [تحليل غير منحاز]
في المشهد السوداني المضطرب، الذي تتنازعه قوى الحرب، وتلتهمه شظايا المركزية المزمنة، تبرز بين الحين والآخر أسماء شبابية تتقدم نحو الواجهة، لا بوصفها نخبوية موروثة، بل لأنها تمثل انبثاقًا جديدًا من قلب الأزمة. أحد هذه الأسماء هو زكي شيكو، ناشط سياسي واجتماعي، لطالما عُرف بمواقفه الحادة تجاه التهميش، ومناصرته لقضايا الهامش، وإصراره على إعادة تعريف مفهوم الدولة.
لكن السؤال الحقيقي الذي يفرض نفسه بقوة اليوم:
هل زكي شيكو مؤهل فعلاً لتولي حقيبة وزارية اتحادية في هذه المرحلة الحرجة؟
—
أولًا: من هو زكي شيكو؟
ليس سياسيًا تقليديًا ولا إداريًا سابقًا، بل صوت جديد خرج من الهامش، تشكل وعيه في بيئة غير ملوثة بالصفقات السياسية. اشتُهر بخطابه الجريء تجاه السلطة، وانحيازه للمهمّشين والمقصيين تاريخيًا من مائدة الدولة السودانية.
لكن لم يكن يومًا جزءًا من ماكينة الأحزاب الكبرى، ولا شغل موقعًا تنفيذيًا في أجهزة الدولة، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى جاهزيته لإدارة مؤسسة وزارية تعج بالتعقيدات التقنية والسياسية.
—
ثانيًا: هل يمتلك أدوات القيادة الوزارية؟
من حيث الوعي السياسي، يمتلك زكي شيكو نضجًا نادرًا وسط أبناء جيله. يُدرك بنية الأزمة، ويتحدث بلغة صلبة ضد البُنى التي كرّست المركزية والفساد.
من حيث الشرعية المجتمعية، يحظى بقبول كبير بين أوساط الشباب، خصوصًا في المناطق المهمشة، ويراه البعض صوتًا حقيقيًا للضمير السوداني المنسي.
لكن من حيث الخبرة الإدارية والتنفيذية، لم يُختبر بعد في مؤسسات الدولة، ما يجعله بحاجة إلى فريق قوي وخطة واضحة كي لا يسقط في فخ الارتجال أو الحماس غير المؤسس.
—
ثالثًا: الوضع العام في السودان… هل يسمح بصعود كهذا؟
يعيش السودان واحدة من أخطر مراحله التاريخية:
دولة منهارة،
اقتصاد ممزق،
مركز بلا أطراف فاعلة،
وطبقة سياسية مأزومة.
في هذا السياق، يبدو تعيين شخصية كزكي شيكو أشبه بمحاولة كسر الجمود السياسي وإدخال دماء جديدة. لكن هذا لا يكفي، فالمعركة الآن لا تقف عند حدود التمثيل الرمزي، بل تتطلب قدرة تنفيذية حقيقية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية، ومهارة في إدارة الملفات المعقدة تحت ضغط الواقع السياسي والعسكري.
—
رابعًا: المجتمع السوداني… هل أصبح مدركًا ومهيأً لصعود هذا النوع من القادة؟
جزء كبير من السودانيين، خاصة بعد الثورة والحرب، بدأ يتخلص من عقدة التبجيل للنخب التقليدية. صار الناس أكثر جرأة في طرح أسماء جديدة. لكن في ذات الوقت، ما زال هناك ميل قوي للقيادات التي تملك حضورًا نخبويًا أو عشائريًا أو عسكريًا، ما يُصعّب عملية القبول الواسع لشخصيات خارج هذا القالب.
—
خامسًا: خاتمة وتحليل أخير
زكي شيكو ليس معجزة سياسية، لكنه يمثل فرصة، وربما رهانًا جريئًا على نمط جديد من القيادة، نزيهة، غير ملوثة، وقريبة من وجع الناس.
إن تعيينه في وزارة اتحادية قد يكون اختبارًا مزدوجًا:
للدولة التي تزعم أنها تبحث عن التغيير،
وله، كمرشح يُطالب بالتمثيل لا بالتمييز.
إذا دُعم، وأُعطي الأدوات والموارد، واحتُرم في صلاحياته، فقد يُحدث فرقًا حقيقيًا.
أما إذا أُدخل إلى النظام دون حماية حقيقية، فقد يتحول إلى شاهد على فشل التغيير الذي ناداه بنفسه.
في النهاية، يبقى السؤال الحقيقي:
هل نحن مستعدون لصوت قادم من الهامش… يدير لا يحتج فقط؟