
ْ. *نحويّات المساء*
*الأبوّة المُهْمَلة*
*محمد النحوي الشريف*
في زمنٍ أصبح فيه الجحود والتجاهل سمةً بارزةً في مجتمعاتنا، نجد أن الكثير من الأبناء يغفلون عن حقوق آبائهم، ولا يقدرون جهودهم وتضحياتهم. أيها الابن، والدك هو السند والملاذ، وهو من يبذل قصارى جهده ليوفر لك الحياة الرغيدة، ويرفع عنك العوز والضيق.
نرى الأب يكد ويشقى ويتعب ويجري ويسافر، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن تربية أبنائه وتعليمهم وتوفير احتياجاتهم. ويبذل جهدًا مضنيًا ليوفر لهم الحياة الكريمة، ويحميهم من كل مكروه.
لكن ماذا عن الأبناء؟ هل يقدرون جهود آبائهم؟ هل يقومون بدعمهم والوقوف بجانبهم؟ للأسف، نجد أن بعض الأبناء يهتمون بمظاهرهم ولبسهم و”يتنعمون ويتدهنون ويتلينون أشدّ من لين ونعومة البنات”، ويقضون كل أوقاتهم مع أقرانهم وأصدقائهم “الشُلّة” في اللهو واللعب، وينسون أن آبائهم في كدٍّ وسعي واجتهاد وأن أجسامهم نحيلة ووجوههم شاحبة وبطونهم صائمة لأجلهم.
نجد بعض الأبناء يحملون أفخم الهواتف الذكية، ويبحثون عن الصداقات الافتراضية في مِنصّات التواصل الاجتماعي، ولا يتحملون النقد أو التوجيه أو النصح أو التوبيخ من آبائهم، بل يرفضون الاستماع إليهم. بينما نجد آبائهم يظهر عليهم أثر التعب والإرهاق، وشيب الرأس قبل الأوان، والجهد المنهك للبدن والنفس والعقل.
كيف يمكن للأبناء أن ينسوا حقوق آبائهم؟ كيف يمكن لهم أن يغفلوا عن جهودهم وتضحياتهم؟ أليس لهم عقول يفكرون بها؟ أليس لهم قلوب تشعر بالامتنان والتقدير؟! إن عدم تقدير الأبناء لآبائهم هو ظلم كبير، وهو خلل في التربية والتنشئة. وللوالد ذاته دور في ذلك وللأم والمجتمع من حولهم أيضًا. رغم ذلك كله، على الأبناء يجب أن يدركوا قيمة جهود آبائهم، ويقوموا بدعمهم والوقوف بجانبهم.
يجب أن يتعلموا كيف يقدّرون التضحيات التي يقوم بها آباؤهم من أجلهم. إن الأبوة يا أخي وابني العزيز يجب أن تحترم وتقدّر. ويجب عليك أن تدرك أنّ والدك هو سندك وأمانك و”عزونك” ، وهو من يبذل قصارى جهده ليوفر لك الحياة الكريمة. يجب أن تعلم كيف تقدّر هذه التضحيات، وتقوم بدعمه والوقوف بجانبه، “وتشيل معاو شيلة البيت الفيو أمك وأخوانك وأخواتك الصغار”.
إن البر بالوالدين يجب أن يدركه الأبناء ويقدّرونه. والأبوة يا عزيزي يجب أن تردّ لها الجميل. فلنكن بارين بوالدينا، ليبرونا أولادنا، ولنؤجر على ذلك، ولنقدّر جهودهم وتضحياتهم، ولنقف بجانبهم في السراء والضراء.
*وفي الختام ياعزيزي تذكّر وتدبّر هذه الآية الكريمة:*
“وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا”.
.