محمد علي عبد الله يكتب : *خمس سنوات حد أدنى ضمانا لتنمية صناعية وتجارية مبتغاه فى ظل اعادة الأعمار المرتقبه لما دمرته الحرب*

محمد علي عبد الله يكتب :
*خمس سنوات حد أدنى ضمانا لتنمية صناعية وتجارية مبتغاه فى ظل اعادة الأعمار المرتقبه لما دمرته الحرب*
بدون مقدمات تعلمنا فى مدخل الخدمة المدنية ونحن حينها كنا موظفين صغار فى وزارة التجارة بان وزارات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية والرى تنتج…وزارة الصناعة تصنع ما ينتج وتضيف له القيمة المضافة..وزارة التجارة تسوق وتفتح الأسواق الخارجية من خلال الإتفاقيات التجارية الدولية والاقليمية والثنائية ودول الجوار الخ..فالموضوع تكامل صناعى تجارى وتكامل فى موضوعه الأشمل مع بقية الوزارات والمؤسسات الإقتصادية الأخرى….
مرت تجربة دمج الوزارتين معا وفصلهما عن بعضهما بمراحل متعددة وعلى فترات زمنية متعددة فى تجارب الحكم الوطنى المختلفة ولم يتم تقييم التجربة بما فيه الكفاية والثبات على مخرجات ذلك التقييم ايا كانت،النتائج
..فالشاهد عندما يكون الهدف اقتصادى بحث وطموح للمساهمة فى تنمية البلد يتم فورا دمج الوزارتين
وعندما يكون الهدف سياسى بحت يتم فصل الوزارتين عن بعضهما البعض لإستيعاب او توسعة مواعين التوظيف الوزارى اما لإرضاء بعض الأطراف السياسية او لإستيعاب اكبر عدد من الوزراء،او وزراء،الدولة لحسابات سياسية الخ
بهذا المفهوم وبدون تحيز للعصبية المهنية التى قد يراها البعض وكل يتعصب لوزارته من بعض، وليس الكل ..
العصبية المهنية قد تاخذ بعض موظفى الصناعة التعصب لوزارتهم وبنفس القدر تعصب موظفى التجارة لوزارتهم … الخ
لكن لندع كل ذلك ونتناول الموضوع من زاوية اقتصادية بمنظور تجارى صناعى شامل بعيدا عن العصبية المهنية لكل متعصب لوزارته…..
اذا انطلقنا من المفهوم الإقتصادى نجد بان هنالك تكامل وثيق الصلة بين الصناعة والتجارة..حيث لا صناعة بدون تجارة والعكس صحيح وتعد التجارة وهى قاطرة التنمية فى المجتمعات المتحضرة …
فاذا اتفقنا على هذا المفهوم ..نوضح فيه قليلا
هدف الصناعة سواء استراتيجية تحويلية او صناعات متوسطة او صغيرة او حتى مشروعات صغيرة هى زيادة من الإنتاج من النوع والكم والكيف من خلال تحسينه بالقيمة المضافة value added سواء بالتعبئه او التغليف او الجودة الشاملة او بالمواصفات والمقاييس العالمية والاقليمية ليكون المنتج السودانى المصنع عنده قيمة مضافة ويستطيع المنافسة فى الأسواق الخارجية وهنا ياتى دور التجارة فى فتح الأسواق من اندماج الإقتصاد الوطنى فى الاقتصاد العالمى عبر اتفاقيات منظمة التجارة العالمية WTO او القارية الافريقية AfCFTA…او المنطقة العربية الحرة للتجارة GAFTA..او الكوميسا COMESA..او الثلاثية الافريقية Tripartite او منظمة المؤتمر الاسلامى OIC….او مجموعات الدول الاقل نموا LDCs الخ
وفى كل هذه الاتفاقيات التجارية دولية او إقليميه او ثنائية فصل او بند كبير يسمى قواعد المنشأ للسلع حتى سنت له وزارة التجارة قانون قواعد المنشأ Rules of Origin…وحساب،التكلفة والقيمة المضافة value added وتحديد نسبتها سواء 35% او 30% الخ حسب المعطيات التجارية هو من مسؤولية وزارة الصناعة والتى بموجبها يتم حماية السلعة الوطنية المنتجة من ضرر الاغراق وهنا يمكن دور وزارة التجارة سواء بفتح او قفل او تقييد الإستيراد لحماية المنتجات من السلع الوطنية عبر قوانين مكافحة الاغراق ..قوانين المنافسة ومنع الاحتكار ..قانون قواعد المنشأ … الخ ولكن فكرة التفاوض فى تلك الاتفاقيات التجارية هي مسؤولية مشتركة بين وزارتي التجارة والصناعة .
و هنا يكمن التكامل الصناعى والتجارى معا حتى نجد فى العديد من دول الجوار والاقليم دمج الوزارتين فى وزارة واحدة فى مصر،وكينيا والعديد من الدول العربية والافريقية ودول الخليج نجد بان الوزارة مدمجه وتسمى وزارة الصناعة والتجارة..
هنالك بلدان ليست لها مقومات الصناعة وذات طابع خدمى حينها نجد وزارة التجارة منفصلة لوحدها…
أمثلة لأهمية دمج الوزارتين معا فمثلا صناعة الجلود بتكامل الوزارتين تم حظر صادر الجلود الخام نهائيا الا بقيمة مضافة وتصنيع مما زاد حصيلة العملة الصعبة للبلاد من عوائد الصادر …تم تقييد تصدير خام الصمغ العربى الا بقيمة مضافة داخل السودان وكما تعلمون السعر التاشيرى لصادر الطن من الصمغ العربى فى حدود 3000 دولار لعائد الصادر فحينما يصدر الخام من السودان لفرنسا وبعض الدول الأوربية ويتم تصنيعة بالقيمة المضافة ويصدر لامريكا يترواح سعر الطن المصنع 20 الف دولار وبالتالى انظر كم فقد السودان من عوائد العملات الصعبة من الصادر و الموضوع يندرج تحت كل السلع المصدرة مواد خام سمسم..فول ..زيوت ..ثروة حيوانية…فبدلا من ان تصدر مثل عجل بقرى كامل سليم لأحد الدول والتى تقوم بإعادة تصنيعة مستفيدة من الجلود والأمعاء %%%والقرون..والراس..فالمفروض تكون هنالك قيمة مضافة مصنعة ليتم الصادر لحم سواء بعظم او من غير عظم الخ ..وللمفارقة ،، السودان كان رائد منذ عقود خلت فى تصدير الأمعاء(المصارين) لإحدى الدول العربية والتى تقوم بتصنيعا خيوط للعمليات الجراحية للبشر وتقوم بتصديرها لأوربا حيث تذوب بصورة سلسلة هذه الخيوط فى جسم الانسان عقب انتهاء فترة العمليات الجراحية دون اى تاثيرات طبية ضارة..
ميزة اضافية اخرى هدف رئيس لوزارة التجارة وهو الانتاج من اجل الصادر وبالتالى دمج الوزارتين يساعد فى التخطيط التنموي الصناعى مثلا تخطيط اقامة مصانع لصناعة اللحوم فى ولايات متخصصه او مصانع للصمغ العربى فى ولايات الانتاج بدلا عن تمركزها فى ولاية الخرطوم ..مصانع للتمور فى ولايات الشمال ..مصانع للجلود فى ولايات كردفان ودارفور مصانع للبصل..للالبان..للدقيق..الخ وفق التخصصات الخ …والتجربة الماثلة أمامنا هنالك اكثر من 4000 مصنعا 90% ممركزا فى ولاية الخرطوم ولما قامت الحرب ذهبت ادراج الرياح
Gone With the wind
وكانت خسارة السودان فادحة..لما يقارب ال 90% صناعات اصبحت بين عشية وضحاها خارج الشبكة كما يقول البعض ..
اذن من منظور اقتصادى صناعى تجارى وتكامل ادوار تفيد التجارب حتى فى الدول المجاورة حولنا من الأفضل دمج وزارتى الصناعة والتجارة فى وزارة واحدة شريطة ان يكون العامل البشرى الوطنى مدرب ومؤهل وذو كفاءة لقيادة هذا العمل الكبير،…
شخصى الضعيف ومع اخرين من الزملاء، والزميلات اتيحت لهم فرصة الإنخراط عقب القرار السياسى لحكومة الثورة الأولى بدمج الوزارتين فى وزارة واحدة فكانت التجربة فى تقديرى ثرة فريدة فيها تكامل ادوار حتى بين العاملين انفسهم واكتسبوا خبرات وأصبح موظف الصناعة ملم بملفات التجارة وموظف التجارة ملم بملفات الصناعة فكان هنالك تناقم وانسجام فى الأدوار والدمج كان فى غاية السلاسة الى انه لم يكتمل،ويصل لنهايته حتى تم فصل الوزارتين عقب سنة واحدة لأسباب سياسية بتوفير مقاعد وزارية للاطراف السياسية وضاعت القضية…
وعلية ما لم يكن هنالك استقرار فى شكل الحكم بصورة مستدامه وبدستور توافقى يبقى على استقرار وثبات الحكم والوزارات او على الاقل تحدد مهلة زمنية فمثلا اذا تم دمج الزراعة والرى او الثروة الحيوانية ..او الصناعة والتجارة الخ يحدد لها مهلة 5 سنوات بعدم الفصل بينهما .
ولكن مثلا تم دمج الصناعة والتجارة فى وزارة واحدة لمدة سنة واحدة للعام 2019/20 وتم فصلهما لاسباب سياسية فى بداية العام 2020م وحتى وقتها لم يكتمل الدمج الى نهايته
*اخلص إلى أن*
اذا كان الهدف تنموى اقتصادى صناعى تجارى (ونحن على اعتاب مرحلة مفصلية دقيقة عقب الحرب تتطلب أعادة إعمار ما دمرته من بنيات تحتية للمصانع والشركات والمؤسسات وقطاعات المنتجين المصنعين.المصدرين.المستودردين..
المستهلكين التعاونيات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمراكز البحثية العلمية والصناعية والتجارية ومؤسسات التدريب المهنى والبشرى وتكامل ادوارها الخ فالأسلم والأفضل *دمج الوزارتين* معا وانا من انصار ذلك وأؤيد بشدة ..شريطة تحديد فترة زمنية اقلاها (5) خمس سنوات بعدم فصلهما حتى تسير التنمية الصناعية والتجارية الى مبتغاها
اما إذا كان الهدف *سياسى* ممكن اليوم يتم الدمج وبعد غد او ستة أشهر او سنة يتم الفصل بينهما بمرسوم جمهورى عادى لاستيعاب أطراف سياسية اخرى مما يعنى ضياع للزمن والموارد وجهجة الموظفين وتسكينهم فى الوظائف وتوحيد الهيكل الادارى والتنظيمى للوزارتين فى هيكل موحد ودمج المؤسسات التى كانت تتبع للصناعة واخرى للتجارة وتكاملهما وبعد سنة يتم فصلهما من بعض فمن الأفضل والاسلم *عدم دمج الوزارتين معا فى وزارة واحدة*
حتى الذين قد يرون من منظور اقتصادى صناعى تجارى بحت وتكامل ادوار للتنمية المستدامة حتى فى الاعلام التنموى للصناعة والتجارة فكانت (مجلة آفاق الصناعة والتجارة) كشاهد ودليل على ذلك وثقت للصناعة والتجارة وكانت تنقل عنها حتى الاذاعات الولائية لتنوير المواطن بآفاق الصناعة والتجارة وهنالك سلبيات موضوعية اقتصادية فى دمج الوزارتين يجب توضيح الرؤية من ناحية علميه منهجيه بحته بعيدا عن العواطف والعصبية المهنية…
والله ولي التوفيق ،،