
*إتجاهات.. بابكر بشير*
*جبال النوبة: المجزرة الصامتة*
إستخدام سلاح التجويع و حصار المدنيين، بقصد خنقهم و فرض حالة من العزلة الاجتماعية و النفسية بهدف تركيعهم بقبول واقع سياسي معين، يعتبر أحد أدوات الصراعات و النزاعات العسكرية القذرة و اللا إنسانية، و هو إسلوب قمعي مجرد من الضمير الإنساني.
الحركة الشعبية شمال – جناح الحلو، عمدت في حربها ضد الحكومة إلى إنتهاج هذا السلوك على نحو أكثر من عامين، في منطقة جبال النوبة جنوبي البلاد، حيث ظلت تمارس ضغطاً عنيفاً على سكان مدينتي “الدلنج و كادقلي” من خلال القصف المدفعي و قطع الطرق و فرض طوق خانق على المدنيين، مانعةً دخول الإمدادات الحيوية كالمواد الغذائية و الدواء و ضروريات الحياة الأساسية.
موقفٌ مخزي و إسلوب لا يليق بجهةٍ تقدم نفسها كحركة ثورية مطلبية صدعت الآذان بحقوق و مظالم المهمشين، و هي لا تعير إهتماماً بأدني قضاياهم.
الناظر في تاريخ الحركات الثورية الحديثة لم يجد ما تقوم به الحركة الشعبية من سلوك مُشين و فظ حيال المدنيين. فيدل كاسترو الزعيم الكوبي “المعروف” قدوة الإشتراكيين و مثالهم الذي يحتذون به. أثناء ثورته في العام ١٩٥٣ – ١٩٥٩م لم يجرو على القيام بهذه الإنتهاكات القمعية العزلية ضد مواطنيه قط، بل سعي عبر ثورته ضد نظام “باتيستا” لدعم و كسب تأيد السكان الفقراء، و تحقيق العدالة الإجتماعية لهم، لا بالحظر والإستهداف بالقنابل كما تفعل الحركة الشعبية المدعية تبني أفكار زعيم الكوبيين.
إن عزل المجتمعات و منع إيصال الإمدادات الحيوية لهم، لهي جريمة إنسانية يعقاب عليها القانون الدولي، لما له من آثار إنسانية كارثية على المدنيين من الأطفال و كبار السن و النساء و أصحاب الأمراض المزمنة، بسبب منع الأغذية و الدواء عنهم.
ما تمارسه “الحركة” من حصار و تجويع بعيداً عن عدسات الإعلام و إهتمام المجتمع الدولي، هو بمثابة “مجزرة صامتة” في حق سكان المنطقة، تسوتجب التحرك العاجل من قبل الإمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان، كما يتطلب الضغط الدبلوماسي و الإعلامي من أجل فك الحصار عن المدن بفتح الطرق القومية المؤدية لها، لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري و عاجل.
الحركة الشعبية بهذه الممارسة غير الإنسانية قد خسرت و فقدت المجتمع بجنوب كردفان، سيما رهان جماهيرها الذي كان قد أكسبها منافسة شريكها في الحكم “المؤتمر الوطني” إبان إنتخابات ٢٠١٠م. الآن رفعت هذه الجماهير حاجب الثقة عنها، و لم تعد لديها قناعة بجدوي مشروعها المفخخ بأجندة و منهجية مليشيا آل دقلو الإرهابية.
إن اللجوء إلى إسلوب الحصار و التجويع و العزل ليست مجرد أدوات حرب، بل تعد في خانة جرائم ضد الإنسانية. الحلو حرق آخر كروته في المنطقة و هي “جماهيرها” المساندة و المؤيدة لبرامجها، لم يتبق منها سوي القليل من مناقدي الرأي. إن من حق كل إنسان ان يعيش “بكرامة” و ان يحصل “بحرية” على الغذاء و الماء و الدواء دون فرض أي وصايا أو أجندات ذات طابع سياسي. فيا أيها أبناء الجبال حركوا جمعات الضغط نحو المجتمع الدولي بإصدار بيانات إدانة و إستنكار لمجابهة سلوك الحركة الشعبية القمعية من أجل أهاليكم في المنطقة.