مقالات الرأي
أخر الأخبار

على عتبات تشكيل حكومة كامل الطيب إدريس الـ(نُّصف مدنية).. ثقوب وشقوق في جِدار تنفيذات إتِّفاقية سلام جوبا بجبال النُّوبا.. عـُـمـ.َـر مَـنصـُـور فـَـضـُـل الــحـــــلـــــقـــــة (1)

على عتبات تشكيل حكومة كامل الطيب إدريس الـ(نُّصف مدنية)..

ثقوب وشقوق في جِدار تنفيذات إتِّفاقية سلام جوبا بجبال النُّوبا..

عـُـمـ.َـر مَـنصـُـور فـَـضـُـل

الــحـــــلـــــقـــــة (1)

مـَـدخـَـل:
ــــــــــــــ
أنَّ أي ميثاق أو مذكرة تفاهُم أو إتِّفاق بين أي أطراف يعبِّر بالضرورة عن مُلخَّص لأهداف هذه الأطراف وطريقة تفكيرها ورؤيتها للأشياء..
والحِصَص والأنصبة المادية المباشرة المُتحصَّلة من ذلك قد تَخُصُّها حُصرياً لكن نتائج وحصاد تنفيذات النصوص المُتَّفق عليها في الميثاق وتطبيقاتها على الأرض تَهُم الجميع وتشمل كل من يوجَدون في نطاق وجود الأطراف سواءً كانوا من منسوبيها وأتباعها وأنصارها أو لم يكونوا..
سواءً كانوا راضين بتلك النصوص أو لم يكونوا راضين..
سواء كانوا على علمٍ بها أو لم يكونوا..
ومن هذا الباب ندخل للوقوف عند بعض نصوص هذا الإتِّفاق (إتِّفاق جوبا) وتداعياته ومحصلته على أرض الواقع..

الـنـَّـص:
ــــــــــــــ
المنطقتين .. مُصطَلَح غامض قفز فجأة إلى فضاء الإعلام والسياسة من على منضدة مفاوضات وقف إطلاق بين الحكومة السودانية (حكومة عمر البشير ) والحركة الشعبية لتحرير السودان (قيادة جون قرنق) بمدينة (بورغينستون)، سويسرا، التي أفضَت فعلاً إلى ميثاق بهذا الشأن في 19 يناير من العام 2002م، بمدلول جغرافي سياسي يعني إقليمَي جبال النُّوبا والنيل الأزرق تمييزاً لهما كـ(منطقتين) من ضمن (الشمال الإداري) للدولة السودانية يضمُّهما حزام (الجنوب السياسي) -بالإضافة لولايات جنوب السودان العشر- الذي تتنازع وتتصارع عليه حكومة الخرطوم والحركة الشعبية..
ثُمَّ تأصَّل وتعمَّق وثبت المصطلح في مفاوضات السلام الشامل (2002–2005) التي بدأت بإعلان مبادئ وإتِّفاق إطاري في (مشاكوس) وإنتهت بميثاق (نيفاشا) الشهير كأحد أشهر وأكبر وأشمل إتِّفاق بين خصمين في تاريخ النزاعات والصراعات السودانية، حيث ضمَّت هذه الإتِّفاقية منطقتَي جبال النُّوبا والنيل الأزرق في بروتوكول واحد خاص ضمن البروتوكولات المُتخصصة داخل الإتِّفاقية..
و من يومها نشأ إلتصاق توءمي سيامي بين المنطقتين خاصة في أضابير الحركة الشعبية للدرجة التي جعل أن تكون المنطقتان تحت إدارة (سكرتارية قطاع الجنوب، مع الولايات الجنوبية العَشر) برعاية الدكتورة (آن إيتو)، تنظيمياً (في معاملات الجهاز السياسي للحركة الشعبية) رغم وقوع المنطقتين إدارياَ ضمن الولايات الشمالية التي كان يديرها تحت مُسمَّى (سكرتارية قطاع الشمال) الأستاذ (ياسر سعيد عرمان)، ويشرف عليهما معاً (سكرتاريتَي قطاع الجنوب، وقطاع الشمال) السكرتير العام للحركة الشعبية (باقان أموم أكيج)..
وهكذا تكرَّست التوءمة السيامية بين المنطقتين وصار واقعاً مُسلَّماً به..

وبالنظر لفلسفة ومصوِّغات ضم المنطقتين في بروتوكول واحد في ميثاق نيفاشا وما بعده يمكن أن يدور تساؤل موضوعي: (ما الذي جعل الإقليمين شيئاً واحداً في الخطاب السياسي لأطراف الصراع رغم كونهما إقليمين معروفين ومنفصلين جغرافياً وتاريخياً وأنثربولوجياً على نحو بالغ الثبات والوضوح ولا غموض فيه..!)..

ولعل الإجابة تعود للبيئة السياسية وواقع الحال الميداني الذي وُلِد ونشأ فيه هذا المصطلح بوجود مناطق خارج الجنوب الجغرافي المُتنازَع عليه مع تشابهما مع الجنوب من واقع سيطرة ووجود معترَف بهما للحركة الشعبية والجيش الشعبي..

ولكن أيضاً يمكن أن يبرز هاهُنا تساؤل آخر موضوعي عن:
(لماذا إذاً لم يُكُن الخطاب بصيغة (المناطق الثلاثة) بإضافة منطقة (أبيي) التي كانت -ولا زالت- هي الأخرى تُعالَج قضاياها ببروتوكولات خاصة بمعزل عن ولايات جنوب السودان وولايات الشمال..؟!..)
أو، في الإتِّجاه الآخر، لماذا لم تتم مخاطبة قضايا كل منطقة ببروتوكول خاص منفصل مثل ما هو الحال مع منطقة (أبيي)..؟!!

لماذا كانت المخاطبة لقضايا ولايات الجنوب (وحدها)..؟!..
وأبيي (وحدها)..؟!..
و المنطقتين (معاً)..؟!..

ولأننا، السودانيين، نمطيون وتقليديون ومُقلِّدون حتى في تعاطينا مع الشأن العام وشؤون الدولة كما هو حال المجتمع أصبحت من الأدبيات الثابتة في التفاوض بين الحركة الشعبية والحكومة المركزية أن يتم تناوُل وتداوُل ومخاطبة قضايا المنطقتين في بروتوكول و(مسار) واحد مما جعلهما في إلتصاق قهري يضفى أحياناً شيئاً من الغموض والضبابية في سير تنفيذات الإتِّفاقيات وأنصبتهما ومستحقاتهما في هذه الإتِّفاقيات..

حـَـاشـــية:
ــــــــــــــــــــ
يعذُرني الأقارب والإخوة والأصدقاء مِمَّن سيعبر فوق أسمائهم عجلات الحقائق والوقائع خلال هذه الحلقات..
فالمصالح العُليا للوطن والمواطن، وقضايا المجتمع والمنطقة في جبال النُّوبا أوسع وأكبر وأسمى من حسابات الشُلَلِيات وطبطبات العلاقات الشخصية..

-نواصل-

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى