مجدي الروبي :يكتب…. التعدي على محمية غابة السنط في الخرطوم: جريمة في حق البيئة والإنسان
مجدي الروبي :يكتب….
التعدي على محمية غابة السنط في الخرطوم: جريمة في حق البيئة والإنسان
في مشهد يثير الأسى تتعرض محمية غابة السنط في قلب العاصمة السودانية الخرطوم لهجمة ممنهجة من بعض ضعاف النفوس الذين لا يتورعون عن قطع الأشجار وتحويلها إلى فحم وحطب وقود في انتهاك صارخ لقوانين حماية البيئة وتحت غياب تام للجهات الرقابية المعنية بالحفاظ على هذه الثروة الطبيعية الفريدة.
غابة السنط: أكثر من مجرد أشجار
غابة السنط ليست مجرد رقعة خضراء على ضفاف النيل بل هي محمية طبيعية نادرة تمثل أحد الرئات الخضراء القليلة المتبقية لمدينة الخرطوم التي تعاني أصلًا من الزحف العمراني والتصحر وتضم هذه الغابة تنوعًا بيئيًا غنيًا يجعلها مقصدًا للعديد من الطيور المهاجرة من أوروبا وجنوب أفريقيا ودول أخرى حول العالم ما يمنحها أهمية عالمية في مسارات الهجرة البيئية.
كما تُعد غابة السنط ملاذًا بيئيًا وسياحيًا لسكان الخرطوم الذين يجدون فيها متنفسًا طبيعيًا للهروب من ضغوط الحياة الحضرية وضجيج المدينة وحرارة المناخ القاسية إنها مساحة للتأمل ومشاهدة الطيور والهدوء والتوازن النفسي وفرصة لتعزيز العلاقة بين الإنسان والطبيعة
جريمة منظمة.. وتقصير رسمي
ومع كل هذه الأهمية تتعرض غابة السنط اليوم لاعتداء منظم يتمثل في القطع العشوائي للأشجار واستخدامها في إنتاج الفحم مستغلين هشاشة الرقابة وتدهور الوضع البيئي في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وبدلًا من حماية هذه المحمية نجد أن التقصير الإداري والرقابي قد فتح الباب أمام العابثين لتدميرها بغرض تحقيق مكاسب آنية لا تتعدى بضعة جنيهات.
الاعتداء على غابة السنط هو اعتداء على مستقبل الأجيال القادمة وعلى حقوق الناس في بيئة سليمة وعلى الأمن البيئي والإيكولوجي للخرطوم كل شجرة تُقطع من غابة السنط هي خسارة لظلٍ وتنفسٍ وموطنٍ وعش طائر وقطعة من تراث طبيعي لا يمكن تعويضه بسهولة.
نداء عاجل
إن حماية غابة السنط مسؤولية جماعية تبدأ من تفعيل القوانين البيئية، وتمر عبر رفع الوعي المجتمعي وتصل إلى محاسبة المعتدين دون تهاون. وعلى الجهات المختصة أن تعي أن التقاعس عن حماية هذه المحمية سيؤدي إلى كارثة بيئية حتمية لا يمكن تداركها لاحقًا.
غابة السنط ليست مجرد غابة إنها شاهد على الحياة وسط الخراب ومجرد التفكير في زوالها يجب أن يدفعنا جميعًا إلى التحرك العاجل.
