
السودان وستون عاماً من تجربة اللجوء
تقرير المكتب الإعلامي
ظلّ السودان ومنذ ستينيات القرن الماضي ملاذاً آمناً للاجئين، من دول الجوار، الفارين من جحيم الحرب والجفاف والفيضانات، وما إن عبروا الحدود وجدوا السودان سبّاقاً في إستضافة اللاجئين منتهجاً سياسة الباب المفتوح التي ساهمت في تذليل العقبات أمامهم، وفُتحت أبواب المواطنين ليعلنوا التدخل الأول والمباشر فيقتسموا المأكل والمشرب والملبس والمسكن.
عُرف السودان بكرمه الفيّاض للاجئين منذ ستون عاماً عندما لجأ خمسة آلاف زائيري وقبل أن توجد الأمم المتحدة وقبل أن تُصادق الدولة على إتفاقية جنيف 1951 أُستقبلَ اللاجئون بكرمٍ فيّاض، ومع إزدياد حِدة اللجوء وإبان الصراع الإثيوبي الإرتري قدّم السودان ممثلاً في معتمدية اللاجئين أُنموذجاً فريداً في التعامل مع ما يفوق خمسمائة ألف لاجئ وعشرات المعسكرات بشرق السودان فكانت الإنطلاقة وكانت معتمدية اللاجئين.
وبما يُقارب الستة عقود تعمل في أوضاعٍ ميدانيةٍ قاحلة وظروف إستثنائية في المناخ والهجير يقومون بدورهم الإنساني بلا منٍّ أو أذى، فكانت الإشادات تترى على شعب وحكومة السودان بدورها الريادي في قضايا اللاجئين.
ستظل تجربة السودان نبراساً لكل الدول، وبرغم ضعف التمويل إلاّ أنَّ معتمدية اللاجئين تقف الموقف المشرّف الذي جعلها تقف شامخة كمؤسسة إنسانية رائدة ومتميّزة في الإلتزام بالقانون الإنساني والعمل بالإتفاقيات الدولية وقانون اللجوء السوداني.
ظل السودان مكاناً آمناً لكل من ضاقت به الحياة ففتحت الدولة أبوابها مُشرعة برغم ظروفه الإقتصادية الطاحنة وبرغم ضعف التمويل إلاّ أنَّ الشعب السوداني ضرب أروع أنواع الأمثلة وقبل أن تُصدّق المعسكرات فتح المواطنون أبوابهم لمن لاذوا بهم، سيظل الشعب صاحب رسالة سامية بتجربه الفريدة والتوقّف عندها كثيراً لما فيها من معانٍ وعِبر ودروس.
الكثير من الإيجابيات التي قدمها السودان في إستضافة اللاجئين ولستون عاماً والدولة تُقدّم لهم الأمن والأمان وتصدّق الأراضي لقيام المعسكرات وتسمح لهم بحرية الحركة والسفر، شهدت البلاد موجات لجوءٍ منذ وقتٍ طويل يقوم أهل الولايات بالواجب التام ولقد ظهر ذلك في الدخول الإثيوبي الحديث في نوفمبر من العام 2020 وأهل القضارف ( في منطقة الهشابة المدينة 8 ) ( وحمداييت بولاية كسلا ) هرعوا لنجدة الإثيوبيين ، تم فتح أبوابهم من الفئات المختلفة من المزارعين والعمال والتجار.
تجربة السودان في إدارة اللجوء جديرة بالوقوف لنجاحها الباهر فكانت وما زالت معتمدية اللاجئين إرثاً عملاقاً وخالداً، فقدمت مُعتمدية اللاجئين أنموذجاً طيباً منذ لحظات الدخول الأُولى للاجئين الإرتريين وإستمر لأكثر من رُبع قرنٍ عاماً حتى العودة الطوعية في تسعينيات القرن الماضي .
سياسة في اللجوء يجب أن تُدرّس فهي مثالاً حياً، لم تغلق بلادنا أبوابها يُقاسم فيها الفقير من إستجاروا به وتُنشأ المعسكرات بسرعة البرق إيماناً بالإنسانية والقيم النبيله.