مقالات الرأي
أخر الأخبار

على حافة الوطن (١١) / من منح الهتر تصريحا بالدخول؟! و من طرد الحقيقة من الميدان؟!

على حافة الوطن (١١) / من منح الهتر تصريحا بالدخول؟! و من طرد الحقيقة من الميدان؟!

بورتسودان/ savior media 24
حياه حمد اليونسابي

في البلاد التي تخشى الضوء، لا يُسمح للنار أن تُرى، ولا للدخان أن يُفهم، ولا للكاميرا أن تروي.
هنا، تُمنع الحقيقة من العبور بدعوى “الأمن”، بينما يُفتح الباب لمن يختار المشهد على مقاس الصورة، لا على اتساع الجرح.

الصحفي يُرد من البوابة، يُسحب منه قلمه كأنه خنجر، وتُفتّش عدسته كأنها مؤامرة.
يقال له: ارجع… هذا الميدان ليس لك. الحقيقة مؤجّلة، والتوثيق تهديد.
لكن المشهد لا يُحجب، بل يُعاد ترتيبه… فبدل أن تصل الكلمة، تصل “اللقطة”.

في منتصف اللهب، أمام خزان مشتعل، تقف الفنانة ندى القلعة كأنها في مشهد تمثيلي على خشبة وطن محترق.
تمسك بخرطوم ماء كأنها تقاتل النار بأغنية، وتلتقط صورة كأنها على رأس مهمة وطنية، لا في قلب كارثة.

السؤال ليس في ظهورها، بل في غيابنا.
من الذي منحها الإذن بالدخول إلى أرضٍ حُظرت علينا؟
من فتح لها الحاجز وأغلقه في وجه الصحافة؟
من قرر أن الكاميرا خطرة إن كانت في يد صحفي، وآمنة إن كانت في يد “نجمة”؟

العبث حين يُدار على حساب الذاكرة، يتحوّل إلى مشهد سريالي:
الحريق حقيقة، لكن السرد مفبرك.
الدخان حقيقي، لكن التغطية تمثيلية.
الدم حقيقي، لكن البثّ معدّ مسبقًا.

في بلاد كهذه، لا يُقاس الأمن بما يُمنع، بل بما يُسمح له بالمرور.
وحين تُمنع السلطة الرابعة باسم السلامة، وتُفتح الأبواب للفن باسم “الوطنية”،
يصبح الوطن مجرد خلفية لعرض جانبي،
ويُحرق الحاضر تحت أضواء الاستعراض.

من الذي أطفأ الكلمة؟ ومن الذي أشعل الصورة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى