مقالات الرأي
أخر الأخبار

#البعد_الاخر مصعب بريــر ظاهرة الاعتداء على المهن الطبية في السودان وكيفية السيطرة عليها ..!

#البعد_الاخر
مصعب بريــر
ظاهرة الاعتداء على المهن الطبية في السودان وكيفية السيطرة عليها ..!

تُعد المهن الطبية إحدى الركائز الأساسية في أي نظام صحي متكامل. ويعتمد المجتمع على الأطباء ، ضباط الصحة والممرضين والفنيين لضمان الرعاية الصحية وإنقاذ الأرواح.

لكن في السنوات الأخيرة، برزت في السودان ظاهرة مقلقة تهدد استقرار القطاع الصحي. هذه الظاهرة هي الاعتداء على الكوادر الطبية أثناء أداء عملهم. تتمثل هذه الاعتداءات في العنف اللفظي والبدني ضد العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية. وتتكرر الحوادث بشكل لافت في العديد من ولايات السودان.

ويشمل الاعتداء التهجم على الأطباء في غرف الطوارئ وأقسام الحوادث. كما يمتد أحيانًا إلى تكسير الأجهزة الطبية وإتلاف الممتلكات. الاعتداء قد يأتي من مرافقين للمرضى أو حتى من المرضى أنفسهم.

الأسباب وراء هذه الظاهرة متعددة ومعقدة. أحد الأسباب الرئيسية هو الضغط النفسي على ذوي المرضى. عندما يتأخر العلاج أو تتدهور حالة المريض، يلجأ البعض إلى ردود فعل غاضبة. كما يلعب ضعف الوعي الصحي دورًا مهمًا في تصاعد العنف.

كثير من المواطنين لا يدركون طبيعة بيئة العمل الطبي وصعوباتها. هناك أيضًا مشكلة نقص الإمكانات في المستشفيات السودانية. قلة الأدوية والأجهزة تؤدي إلى طول فترة الانتظار. هذا الطول يخلق بيئة خصبة للتوتر والانفعال.

تردي البنية التحتية الصحية ساهم بدوره في زيادة الاحتكاكات. كما أن بعض الكوادر الطبية تعاني من الإرهاق المزمن. الإرهاق ينعكس أحيانًا على أسلوب التعامل مع المرضى. وإن كان هذا لا يبرر الاعتداء، إلا أنه عامل في تفجر المواقف. الوضع الاقتصادي المتدهور زاد الطين بلة. ارتفاع تكاليف العلاج دفع بعض المواطنين للشعور بالظلم.

غياب القوانين الرادعة أو ضعف تطبيقها شجع المعتدين. في كثير من الحالات لا تتم محاسبة المعتدي بالشكل الكافي. وهذا يولد إحساسًا بالحصانة لدى البعض.

وسائل الإعلام لعبت دورًا سلبيًا أحيانًا.
بعض التغطيات تُظهر الكادر الطبي في صورة مقصّرة. ما يضعف الثقة بين المريض والطبيب.

لحل هذه الظاهرة، نحتاج إلى خطة متعددة المحاور. أول المحاور هو الجانب القانوني. يجب سن قوانين واضحة لحماية المهن الطبية. وتنفيذ العقوبات بصرامة ضد المعتدين. على الشرطة أن تستجيب بسرعة لبلاغات الاعتداء. ويجب أن تكون هناك نقاط أمنية داخل المستشفيات الكبرى.

المحور الثاني هو الجانب التوعوي. ينبغي إطلاق حملات إعلامية لتعريف المجتمع بحقوق وواجبات الطرفين. التوعية يجب أن تشمل المدارس والجامعات. كما يمكن إشراك الزعماء المحليين ورجال الدين.

المحور الثالث يتمثل في تحسين بيئة العمل الطبي. زيادة عدد الكوادر يقلل الضغط على الأطباء. تحسين رواتب العاملين يحفزهم على الأداء الأفضل. توفير الأدوية والمعدات يقلل من الاحتكاكات. كما أن تجهيز غرف انتظار مريحة يخفف من حدة التوتر.

المحور الرابع هو الدعم النفسي للطواقم الطبية. يجب إنشاء وحدات استشارة نفسية داخل المستشفيات. هذا يساعد الكوادر على التعامل مع الضغوط. إضافة إلى ذلك، ينبغي تدريب الأطباء على مهارات التواصل. التواصل الفعّال يحد من سوء الفهم مع المراجعين.

تجارب دول أخرى تقدم نماذج ملهمة.
في بعض الدول، تم اعتماد نظام بطاقات تعريف للزوار. كما وُضعت بوابات تفتيش إلكترونية لمنع إدخال أدوات حادة. وفي أماكن أخرى، تم تركيب كاميرات مراقبة في الأقسام الحساسة. هذا ساعد على توثيق الاعتداءات وردعها.

المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا. الجمعيات الطبية والنقابات قادرة على الضغط من أجل التغيير. كما يمكنها تقديم الدعم القانوني لضحايا الاعتداء.

تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع أمر أساسي. ولا بد من إشراك القطاع الخاص في تحسين الخدمات. لأن المواطن إذا شعر بجودة الخدمة قلّت فرص الاحتكاك.

بعد اخير :

خلاصة القول، تبقى حماية المهن الطبية مسؤولية جماعية. فالمجتمع الذي لا يحترم طبيبه وطواقمه الطبية يضعف نظامه الصحي. والاستثمار في أمن الطواقم الصحية هو استثمار في صحة الأمة .. واخيراً ، القوانين، التوعية، البنية التحتية، والدعم النفسي هي أعمدة الحل. ومتى ما تم العمل عليها بشكل متوازٍ، يمكن السيطرة على الظاهرة. فالطبيب والكادر الطبي الذي يعمل في أمان يعطي أفضل ما لديه. والمريض الذي يحظى باحترام واهتمام يشعر بالطمأنينة. وهكذا يمكننا بناء بيئة صحية آمنة للجميع … ونواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..

ليس لها من دون الله كاشفة

حسبنا الله ونعم الوكيل

اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين

#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الخميس (15 اغسطس 2025م)
musapbrear@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى