
الإعلام علم وفن وليس شغل هبتلي.
ليس ببعيد : أحمد كنونة
يعتبر الإعلام أحد السلطات الأساسية في كل دولة وتعودنا فى السودان أن ننعته بالسلطة الرابعة بإعتبار أنه يأتي بعد السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية ولكنه فى العصر الحديث والحالي أصبح يتقدم كل هذه السلطات ولكم أن تتخيلوا التدفق المعلوماتي اليومي الهائل عبر مختلف وسائل ووسائط الإعلام والإتصال.
والإعلام ( علم وفن ) وليس شغل هبتلي كما ينظر إليه بعض المسؤولين قاصري النظر وبعض أنصاف المتعلمين وبعض الناشطين الذين يملؤون الميديا ضجيجاً، فهو علم لأنه يقوم على قواعد أساسية وله لغته ونظرياته العلمية فلذلك يدرس دراسة لفهمه وهو بذات الدرجة فن لأنه يعتمد على الموهبة والمهارة والصناعة والتحليل وليس شغل هبتلي لكل من هب ودب أن يتكلم فى الإعلام حسب هواه أو مجري مويته وللأسف بعض المسؤولين لا زالت نظرته قاصرة للإعلام فالبعض يسعى للتغول على مسؤولياته والبعض يقصرها فقط في متابعته ونقل أحاسيسه ونبضاته ولذلك تجده لا يلتفت للإعلام إلا عند البرامج والأنشطة والملمات فآخر ما يسأل عنه هو الإعلام وذات المسؤول عندما ينتهي البرنامج الذي نفذه أو شارك فيه تجده يسارع إلى التلفاز أو يحتضن الراديو أو يقلب هاتفه ليشاهد أو يسمع أو يقرأ عن نفسه وإذا لم يجد شيئاً ينادي على الإعلاميين معاتباً أو واصفاً للإعلام بأنه مقصر فكأنه حصر دور الإعلام في الأخبار والمعلومات فقط دون الوظائف الأخرى المتمثلة فى الإرشاد والتوجيه والتعليم والتثقيف والتسلية والترفيه بل ذات المسؤول لا يهتم بخطط وبرامج الإعلام ولا يدعمها تجده ينظر لمبلغها ولا يهتم بها وقد يأتي رده بأنه كبير دون أن يعلم بأن مردود الإعلام ورجع الصدي التى يحدثها فى المجتمع هي دائماً معنوية وبعض المسؤولين والعامة يقول لك غير مهم وهو الشخص ( الهبتلي ) معلم كلو الذى يرى حد رجليه فقط دون من هم حوله أو عالمه البعيد والذى بفضل الإعلام أصبح ليس قرية صغيرة بل بين ناظريك وظفريك وليس يديك وهناك صحافة المواطن الذى أصبح يصنع محتواه الإعلامى بنفسه من خلال الصورة والصوت ولكنها بالتأكيد لا تضاحي صناعة المحتوى التى يقوم بها صاحب ( العلم والفن) فإذا أردنا النجاح أن يعطي الخبز لخبازه ويهتم بخططه وبرامجه ويمنح ميزانياته التى تجعله يعمل حسب وظائف الإعلام التى ذكرناها آنفاً ويزيد عليها من خلال جودة صناعة المحتوى والتحليل العميق للقضايا وكما يقولون ( الإعلام سلاح ذو حدين) وهذا السلاح أصبح خطيراً خاصة في الآونة الأخيرة حتى أننا وصلنا لأعلى درجات الخطورة من خلال إستخدام الذكاء الإصطناعي فى توجيه وخداع الرأي العام وللأسف لا زال البعض يجهل طبيعة عمل الإعلام أو لقصر نظره والبعض لا يتوقف عند حد مسؤولياته عند وضعه في لجان تجده يتخطى حدوده ويتخبط ويسعى لأن يلخبط لصاحب الشأن بإعتباره معلم كلو وهذا هو يريد للعمل أن يمضي هبتلي دون خطة بل هو يعيق الخطط لأنها لا تتماشي مع هواه وما تعود عليها من عشوائية فالإعلام هذا السلاح الخطير إذا أحسن إستخدامه وتوظيفه فإنه يقود إلى السلام والتعايش السلمي والتماسك الإجتماعي والتنمية والإستقرار وإذا أسيء إستخدامه وتوظيفه الخاطئ فإنه بالتأكيد يقود إلى الفرقة والشتات والخراب والدمار . عليه فلابد من الإهتمام بالإعلام ودعم وسائله ومنصاته وخططه وبرامجه وإعطاء كل ذي حق حقه ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب والإلتزام بالمهام والإختصاصات دون تداخل أو إقصاء وهذا هو يخلق الإبداع وهذا الكلام يخص بالذات الإعلام الحكومى بحيث إذا أرادت الدولة والحكومة إحداث النتائج المطلوبة فلابد من الدعم بسخاء وإنتظار المخرجات المعنوية وإلا فالعشوائية والتعامل باليومية والمقطوعية وسعي البعض للتغول على مهامه وأدواره وعند الفشل تسارع ذات الجهات لتعليقه على رقاب الإعلاميين الذين تم تخطيهم وتجاوزهم وعندما يأتي النقد البناء الذى يلقي الضوء على مواقع الخلل وينبه للخطر يعتبره البعض نقداً هداماً ويحاول شخصنة الموضوع العام حول شخصيته المهزوزة وفى كثير من الأحيان يبقى الإعلام تمامة جرتق وعند توزيع اللجان يتم ضم الفائض للإعلام َو أحياناً أخرى يكون هو آخر من يعلم بالرغم من أنه فى أغلب الأوضاع يكون ناطقاً رسمياً ويجد دوره أداه غيره من ورائه . والدولة السودانية وهي تبني مؤسساتها المدنية ينبغي الإهتمام العلمي بوضع الإعلام على كافة المستويات القومية والولائية والمحافظات والوحدات الإدارية حتى ينساب العمل بكل سلاسة ويسر يعرف كل واحد دوره ومهامه وإختصاصاته وصولاً للنجاح .
على كل يظل الإعلامي أو الصحفى المتشبع بأصول الإعلام النابع من أنه علم وفن يظل ممسكاً بمهنته لا تهزه المواقف والأقوال والأفعال التى تحاول إعاقته وعرقلته ووضع المتاريس أمامه وعلى أمثال هؤلاء أن يعرفوا بأن الإعلام والصحافة هي مهنة المصاعب والمتاعب وأنهم مهما فعلوا يظل حراس البوابة واقفين بأقلامهم ومايكرفوناتهم وكاميراتهم الشريفة خدمة لهذه المهنة حتى لا تكون مهنة من لا مهنة له .