التأمين الصحي.. مظلة تحمي (15) ألف مزارع في مشروع الرهد
مدني :
يظل المزارع السوداني هو العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وصاحب اليد الطولى في توفير الغذاء وزيادة الصادرات، لكنه في المقابل من أكثر الفئات تعرضاً للمخاطر الصحية المرتبطة بطبيعة عمله في الحقول تحت الشمس والغبار واستخدام المبيدات. هذه المفارقة جعلت المزارع في حاجة ماسة لخدمات الرعاية الصحية الميسورة التي تخفف عنه كلفة العلاج، وتضمن له الاستمرارية في العمل المنتج.
من هذا المنطلق، جاء قرار إدخال (15) ألف مزارع من مشروع الرهد الزراعي تحت مظلة الصندوق القومي للتأمين الصحي بولاية الجزيرة. وهو ليس مجرد إجراء إداري، بل خطوة استراتيجية وشراكة تحمل دلالات عميقة في سياق ربط الإنتاج الزراعي بالتنمية الاجتماعية والصحية.
حماية رأس المال البشري
القطاع الزراعي في السودان يعتمد على المزارع الفرد قبل الآلة، ولذلك فإن الاهتمام بصحة المزارع يعني بالضرورة حماية رأس المال البشري الذي يقوم عليه المشروع. التأمين الصحي هنا لا يمثل خدمة علاجية فقط، بل هو استثمار في قوة الإنتاج، ووسيلة لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لآلاف الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر دخل رئيسي.
انعكاسات على الإنتاج
الاطمئنان الصحي يسهم في رفع معنويات المزارعين، ويدفعهم للعمل بتركيز أكبر بعيداً عن هاجس المرض وتكاليفه. وكلما توفر الأمان الاجتماعي زادت القدرة على التفرغ للعمل الزراعي، ما ينعكس إيجاباً على حجم الإنتاج وجودته. وهذا ما تحتاجه البلاد في ظل التحديات الاقتصادية وتزايد الطلب على الأمن الغذائي.
خطوة في طريق التغطية الشاملة
ولاية الجزيرة تُعد من الولايات الرائدة في مجال التأمين الصحي، حيث تجاوزت نسبة التغطية 80% من السكان. إدخال مزارعي مشروع الرهد يمثل حلقة جديدة في سلسلة التوسع الأفقي الذي يتبناه الصندوق القومي للتأمين الصحي، وصولاً إلى الهدف الاستراتيجي: التغطية الصحية الشاملة بحلول العام 2030.
صوت المزارعين
المزارعون بدورهم رحبوا بالخطوة باعتبارها مكسباً حقيقياً لهم ولأسرهم. فهي تقلل من مخاطر الانفاق المباشر على الصحة، وتتيح لهم الوصول إلى شبكة من الخدمات الطبية المنتشرة في الولاية. هذه الخطوة أيضاً تفتح الباب لمزيد من الشراكات بين وزارتي الصحة والزراعة، من أجل شمول جميع العاملين في القطاع الزراعي بمظلة التأمين.
نحو نموذج متكامل
إدخال المزارعين في التأمين الصحي يمكن أن يشكل بداية لنموذج متكامل يربط بين الإنتاج الزراعي، الحماية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. فالمزارع عندما يجد الدعم الصحي يصبح أكثر قدرة على العطاء، والمجتمع ككل يستفيد من وفرة الغذاء وتحسن الدخل القومي.
في المحصلة، ما تحقق في مشروع الرهد ليس مجرد رقم يضاف إلى سجلات التغطية التأمينية، بل هو تأكيد أن الاهتمام بالإنسان المنتج هو الطريق الأضمن لتحقيق التنمية المستدامة.
