الصحة بالشمالية.. تحديات ماثلة تقرير : وضاحة نيوز

الصحة بالشمالية.. تحديات ماثلة
تقرير : وضاحة نيوز
ما كان القطاع الصحي بالسودان الذي تضرر بصورة كبيرة خاصة الولايات التي اجتاحتها المليشيات المتمردة كاد ان ينهي النظام الصحي بها، ما كان بمعزل عما اصاب الولايات الاخري من ضرر بليغ ضرب بنيتها التحتية في مجال الصحة بفعل الضغط العالي للنزوح السكاني وانقطاع الدعم والاصلاح وهي عوامل دامغة لجعل تلك الولايات تتاثر بشكل كبير رغم ما فيها من قلة امكانيات وضعف بنيات الصحية وهجرة كوادرها للداخل والخارج. ولكن الاستثناء في هذا الولاية الشمالية التي كانت لوقت قريب يهاجر موطنها للمركز او للخارج لتلقي العلاج وهناك إحصائيات تؤكد ذلك بسبب ضعف بنيتها الصحية حتي ان وزارتها كان مثال للسخرية بين السكان.
امال واحلام
بيد ان من بين ضعف الامكانات وقلة الموارد هناك ضوء في نهاية النفق وهناك من يتصدي لها ويحول الاحلام الي واقع بين الناس. تحدثت الي احد الذين جعلوا من الشمالية خاصة مدينة دنقلا ملجأ ومقرا ومستشفيا من علل كثيرة المت به وهو غير مصَدق بان يجد الحل في مكانه رغم الحاح الكثيرين بان يهاجر للخارج او يلجا الي ولاية اخري مثل مدينة بورتسودان. كان السؤال لماذا؟ هنا الجواب بوجود وزارة ووزير وطاقم عامل في المجال الصحي بالولاية بخير جعلوا من المستحيل واقع. الامر الاخر هناك الكثير من المواطنين الذين ارادوا الهجرة للعلاج في مصر وجدوا في مستشفيات الشمالية ملازا امنا مطمئنا تركوا الفكرة وجعلوا الوطن موطنهم للعلاج.
نقطة التحول
نقطة التحول حينما تسلّم د. ساتي مهام وزارة الصحة في نوفمبر 2023، كانت الولاية الشمالية تواجه واقعًا صعبًا قدرا صعبا تجاوزه. كانت هناك مستشفيات متعثرة، وكوادر منهكة، وإمدادات دوائية غير مستقرة، ونزوح بشري غير مسبوق لكن الرجل قرّر أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون، وأن يصنع من الأزمة مشروعا للنهضة، وفي أقل من عامين، تحققت إنجازات ومشروعات كبيرة واقعا لم تكن مشاريع حجرٍ فقط، بل مشروعات روحٍ وأملٍ، نقلت القطاع الصحي من حالة العجز إلى مرحلة الثقة بالذات بل فتحت افاق واسعة لتوطين العلاج بالداخل .
امتحان القيادة
ويبدو ان الامتحان الاصعب كان مواجهة التحديات الآنية التي واجهت البلاد في منتصف عام 2024،حيث اجتاحت الكوليرا أجزاء واسعة من السودان، وكانت الشمالية في قلب الحدث. لم تستسلم الولاية عندما استقبلت أكثر من مليوني نازح، وهو رقم يمثل ضغط سكاني يفوق طاقتها بثلاثة أضعاف.ورغم ذلك ادارت الازمة بكل اوجهها بكفاءة وكانت المفاجأة أن الولاية لم تنهَار كما كان يتوقعها البعض وذلك بفضل الإدارة الميدانية المحكمة، التي ادرت الازمة بكل جدارة حيث وقفت ميدانيا علي عملية توزيع الأدوية والمحاليل على نطاق واسع. بجانب تفعيل فرق الاستجابة السريعة في المدن والقرى وإنشاء نقاط مراقبة ومراكز عزل جديدة. وونفذت الوزارة حملات توعية واسعة بمشاركة المجتمع المحلي. تلك الخطوات كانت لها اثار مبهرة علي الفرق الميدانية جاءت اثارها واضحة في انخفاض الإصابات بالكوليرا بنسبة 40٪ مقارنة بالولايات المجاورة. بالاضافة الي تراجع الوفيات إلى أقل من المعدل القومي. الذي يعتبر انجاز فوق التحدي الكبير الذي كان يواجه الولاية. تلك الخطوات انعكس علي استقرار الوضع الصحي العام رغم النزوح الكبير.
واقع جديد
لقد كانت تجربة الشمالية تحت قيادة د. ساتي دليلًا حيًا على أن القيادة الواعية يمكن أن تُحدث فرقًا حتى في قلب الكارثة. ولعل في اقصي شمال الولاية الشماليه وجنوبها إنجازاته تتحدث عن نفسها حيث يقف مستشفي النساء و التوليد بحلفا شامخا حيث كان حلما يراود اهل تلك المناطق الان اصبح حقيقة ماثلة امامهم بالإضافة إلي ترفيع مستشفي وادي حلفا الي مستشفي تعليمي لتوفير الكوادر و التخصصات المختلفه بجانب المعامل و الاشعه المقطعيه لتوطين العلاج بالمحليه التي كان يعاني مواطنها مستشفيا في اسوان أو التخصصي دنقلا. ولم تكتفي وزارة الصحة ووزيرها بذلك فمن بين الركام وطموحات لا تحدها حدود كان ولادة مشروع صحي متكامل بالشمالية. مكابر من ينكر عكس ذلك من تحول كبير اصاب واقع الصحة في كل مجالاتها طرا على البنيات التحتية بالولاية ومن وسط هذا الركام برزت مستشفيات بمواصفات عالية ومراكز صحية منها تطوير قسم الطوارئ والإصابات بمستشفى التضامن في الدبة. كما ادخلت الوزارة لاول مرة قسم القسطرة القلبية بمستشفى دنقلا التخصصي، . وامتدت ايدي الوزارة الي اطلاق مشروع مستشفى محمد زيادة للأطفال، ليكون مركزًا متخصصًا في طب الطفولة والرعاية المتقدمة اخر التتطور في البنيات التحتية افتتاح مركز صحي في منطقة السليم . هذا التطور شمل مجالات اخري مثل تشييد مخازن ومستودعات للأدوية لتأمين الإمداد الدوائي في ظل الأوضاع الطارئة. الي جانب تركيب أجهزة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية في حلفا ودنقلا لأول مرة، مما غيّر ملامح الخدمات التشخيصية. وعندما اشتدت الأوبئة بالولايات المجاورة استشعرت الشمالية خطورة ذلك حيث قامت بافتتاح مركز العزل في دنقلا لمواجهة الأوبئة وتعزيز الجاهزية الوبائية. هناك خطط ومشروعات توسعة وتطوير وتحديث مستشفيات كريمة ومروي لتضاف لبقية مستشفيات الولاية.
الجيش الأبيض
من أعظم ما أنجزه د. ساتي أنه أعاد الروح إلى الجيش الأبيض. الأطباء والممرضون والفنيون الذين أنهكتهم الحرب، وجدوا في قيادته قدوةً وصديقًا وشريكًا. تلك الروح الادارية كان لها اثر في تثبيت الكوادر الطبية من الهجرة ربما الروح الجديدة كان حافزا لهم من تجاوز الازمات وضعف الإمكانات،ولعل د. ساتي لم يكتفي بالروح الادارية لقيادة دفة الوزارة بل كان جزاءا من المنظومة التي تعمل معه مشكلين فريقا واحدا حيث كان الوزير يزورهم بنفسه في اماكنهم يتفقدهم يقف علي مشاكلهم، ويشاركهم المناوبات، ويتحدث معهم بلا حواجز، ويؤمن أن الطبيب يحتاج إلى الاحترام والتقدير بقدر حاجته إلى المعدات. بالتالي أعاد بناء الثقة داخل منظومة الصحة، ورفع شعار “الصحة ليست مكاتب، بل ضميرٌ في الميدان.”ولذلك بجهوده المتواصلة أصبحت الشمالية الولاية الوحيدة التي حافظت على استمرارية الخدمات الأساسية دون توقف رغم الحرب وانقطاع الإمدادات القومية. يقول أحد أطباء مستشفى دنقلا فضل عدم ذكر اسمه “كنا نعمل في الظلام حتى جاء من أعاد إلينا الإحساس بأننا نحمل رسالة لا مجرد وظيفة.”
بالأرقام والتحليل
وفق بيانات إدارة التخطيط الصحي في الشمالية، فإن الفترة بين نهاية 2023 و منتصف 2025 شهدت زيادة الطاقة التشغيلية للمستشفيات بنسبة 47%. حيث
تحسن الإمداد الدوائي بنسبة 60%.بجانب
انخفاض الأمراض المنقولة بالمياه بنسبة 35%. ارتفاع معدلات رضا الكوادر الصحية إلى أكثر من 75%.كما تضاعف العمليات الجراحية التخصصية بنسبة 80%. تلك الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل شهادة موضوعية على أن الإدارة الفاعلة قادرة على كسر معادلة المستحيل.
فوق المستحيل
لقد فاقت تلك الإنجازات امكانات الولاية المادية لكنها لم تقعد الوزير من التفكير خارج الصندوق والاستعانة بالشراكات مع المنظمات وتفعيل الدور الشعبي في النهوض بالقطاع الصحي. واستفاد الوزير ساتي بعلاقاته الواسعة وتوظفيها لصالح بناء القطاع القطاع الصحي بالولاية. اذا ماحدث في الشمالية من تحول في القطاع الصحي من السلبي للايجابي يقف وراده وزيرها دكتور ساتي و الأرقام والواقع يشهد علي ذلك.