الأخبار

بين الشفافية والمخالفة القانونية : تساؤلات حول ازدواجية منصب الامين العام للجهاز القومي للرقابة على التأمين

بين الشفافية والمخالفة القانونية : تساؤلات حول ازدواجية منصب الامين العام للجهاز القومي للرقابة على التأمين

*خالد عوض عبدالله
المحامي*

مصادفة وربما هي أقدار الله التي له في كل قدر وقضاء حكمة يعلمها هو ، وقع تحت ناظري خبرين منشورين على وسائل التواصل الاجتماعي ، الاول هو قرار منسوب للامين العام للجهاز القومي للرقابة على التأمين قضى فيه بإستحداث نظام جديد لإصدار شهادات تأمين الطرف الثالث وإلزام كافة الشركات بالدخول في هذا النظام إلزاما وليس اختيارا من بداية العام القادم والحيثيات التي ساقها الامين العام لتبرير ذلك القرار هو تطبيق وتعزيز مبدأ الشفافية والحوكمة في قطاع التامين ، غير أن الذي اثار دهشتي هو الخبر الثاني والصور الملحقة به والخاصة بالامين العام نفسه وهو في مباني القنصلية السودانية بمدينة جدة بصحبة مدير جامعة النيلين والتي ظهر فيها بحسب مصدر الخبر بصفته مدير العلاقات الخارجية بالجامعة !!! .
وقد أعاد هذا الخبر وهذه الصورة المتداولة التساؤلات حول مشروعية وقانونية الجمع بين وظيفتين عامتين في الدولة !!؟؟؟ خاصة وأن قانون الخدمة المدنية السوداني يحظر صراحة الجمع بين وظيفتين في الدولة ، بل ويعتبر ذلك جريمة من جرائم الفساد وفقا لقانون مفوضية مكافحة الفساد .
المسألة التي نحن بصددها هنا ليست شخصية بقدر ما هي قضية مؤسسية تتعلق بمبدأ الشفافية ذاته الذي يرفع شعاره الامين العام ونحن نحضه ونشجعه على ذلك ما في ذلك شك ، ولكن وفي نفس الوقت نجد أن الموقع الذي يشغله الامين العام في جهاز رقابي يتطلب منه إلتزاما صارما بالقانون وبقيّم النزاهة الادارية أكثر من أي شخص آخر في قطاع التأمين ، بإعتبار أن الجهاز القومي للرقابة على التأمين معنيّ اصلا بضبط وتنظيم سلوك واداء الكيانات القانونية العاملة في قطاع التامين ، والامين العام بحسب قانون الرقابة والاشراف على التأمين هو المسؤول التنفيذي الاول في هذا الجهاز، مما يجعل أي تجاوز داخلي يضعف الثقة في قدرته على القيام بمهامه ومسؤولياته الرقابية الفاعلة.
من المهم في هذا السياق أن تكون الشفافية ممارسة قبل أن تكون شعارا ، وأن تطبق معايير الحوكمة أولا داخل مؤسسات الدولة قبل أن تفرض على الآخرين ، فالاصلاح الاداري الحقيقي يبدأ بالالتزام بالقوانين لا بالاكتفاء بالحديث عنها . لذلك فإن معالجة هذه الاشكالية تتطلب من الجهات المختصة في الدولة مراجعة مثل هذه الحالات والتاكد من مدى توافقها مع قوانين ولوائح الخدمة المدنية . فالشفافية لا تتحقق بالتقنيات الالكترونية وحدها بل بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء وبأن يكون الموظف العام قدوة في السلوك والالتزام قبل ان يكون متحدثا باسم الاصلاح والشفافية والحوكمة !!! .
اخيرا فالرأي العام ينتظر خطوة حقيقية من مؤسسات الدولة لوضع حد للازدواجية واستغلال النفوذ ، فمحاربة الفساد لا تكون عبر التصريحات في المؤتمرات والاجتماعات بل من النزاهة الاخلاقية من المسؤولين أنفسهم ، ألا هل بلغت فاللهم فشهد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى