د.مصطفى خليفة العوض يكتب: *القطاع المصرفي السوداني في مواجهة الحرب الداخلية: تحديات البقاء واستراتيجيات الصمود

د.مصطفى خليفة العوض يكتب:
*القطاع المصرفي السوداني في مواجهة الحرب الداخلية: تحديات البقاء واستراتيجيات الصمود*
..
يُعد القطاع المصرفي حجر الزاوية للاقتصاد السوداني، إذ يمثل الوسيط الحيوي بين المدخرين والمستثمرين، ويضطلع بدور محوري في دعم الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية. إلا أن الحروب الداخلية، ولا سيما النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فرضت تحديات غير مسبوقة على هذا القطاع الحيوي. فقد طالت آثار هذه الصراعات البنية التحتية المصرفية، وأضعفت الثقة في النظام المالي، وعطّلت التدفقات النقدية، ورفعت معدلات القروض المتعثرة، مما انعكس سلباً على مجمل الأداء الاقتصادي الوطني.
و يشهد السودان في السنوات الأخيرة تصعيداً حاداً في النزاع المسلح، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أداء القطاع المصرفي. فقد تعطلت العمليات اليومية للبنوك، سواء في ما يتعلق بالتعاملات النقدية أو منح القروض والاستثمارات، نتيجة لانقطاع الطرق، وتعرض موظفي البنوك والفروع للمخاطر الأمنية، وصعوبة وصول العملاء إلى الخدمات المصرفية الأساسية. كما أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة إلى عزوف المستثمرين المحليين والأجانب عن تمويل المشاريع، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاع، مما قلّص قدرة البنوك على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد ركيزة الاقتصاد الوطني.
وتسبب توقف الأعمال وتدهور مصادر الدخل في عجز العديد من العملاء عن سداد قروضهم، ما أدى إلى زيادة القروض المتعثرة، وأثّر سلباً على ميزانيات البنوك واستقرارها المالي. وطالت الحرب عدداً من الفروع والمراكز المالية وأجهزة الصراف الآلي، كما أدت إلى تعطيل حركة النقد وتأخير المعاملات، مما زاد من تكاليف التشغيل وأضعف كفاءة النظام المالي. ودفع القلق من فقدان المدخرات أو انهيار النظام المصرفي الكثير من المواطنين إلى سحب أموالهم والاحتفاظ بها نقداً، ما فاقم أزمة السيولة وحدّ من قدرة البنوك على تمويل الأنشطة الاقتصادية.
ورغم هذه التحديات، سعت بعض البنوك السودانية إلى التكيف عبر تعزيز الخدمات المصرفية الرقمية، مثل التحويلات الإلكترونية والخدمات عبر الهاتف المحمول، وتقليص الاعتماد على الفروع التقليدية. كما أعادت بعض المؤسسات تقييم سياساتها الائتمانية، ورفعت حدود القروض الجديدة، ورشّدت الإنفاق لمواجهة الأزمات قصيرة المدى.
يتضح مما تم سرده أن الحرب الداخلية ألقت بظلال ثقيلة على القطاع المصرفي السوداني، حيث أضعفت الأداء المالي، ورفعت المخاطر الائتمانية، وخفضت ثقة المواطنين بالمصارف. كما أدت إلى تراجع الاستثمارات، وتعطيل المشاريع الاقتصادية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي الوطني. ويبرز من ذلك حاجة القطاع المصرفي إلى استراتيجيات مرنة وواضحة لمواجهة تداعيات النزاعات المسلحة، بما يضمن استمرارية الخدمات المالية، وحماية المدخرات، وتقليل الخسائر الاقتصادية.
ومن أبرز التوصيات التي يمكن تبنيها في هذا السياق: تعزيز استقرار البنية التحتية المصرفية عبر خطط طوارئ لحماية الفروع والمراكز المالية، وتوسيع الخدمات المصرفية الإلكترونية لتقليل الاعتماد على الفروع التقليدية، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال حوافز وتشريعات مشجعة، واعتماد نظم متطورة لإدارة المخاطر الائتمانية، وتنظيم حملات توعية لتعزيز الثقة المجتمعية بالمصارف، والتعاون مع الجهات الأمنية لضمان نقل الأموال بأمان، وأخيراً إعداد خطط استجابة للأزمات تضمن استمرارية الخدمات المالية في حال حدوث تصعيد مسلح.*
يُعد القطاع المصرفي حجر الزاوية للاقتصاد السوداني، إذ يمثل الوسيط الحيوي بين المدخرين والمستثمرين، ويضطلع بدور محوري في دعم الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية. إلا أن الحروب الداخلية، ولا سيما النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فرضت تحديات غير مسبوقة على هذا القطاع الحيوي. فقد طالت آثار هذه الصراعات البنية التحتية المصرفية، وأضعفت الثقة في النظام المالي، وعطّلت التدفقات النقدية، ورفعت معدلات القروض المتعثرة، مما انعكس سلباً على مجمل الأداء الاقتصادي الوطني.
و يشهد السودان في السنوات الأخيرة تصعيداً حاداً في النزاع المسلح، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أداء القطاع المصرفي. فقد تعطلت العمليات اليومية للبنوك، سواء في ما يتعلق بالتعاملات النقدية أو منح القروض والاستثمارات، نتيجة لانقطاع الطرق، وتعرض موظفي البنوك والفروع للمخاطر الأمنية، وصعوبة وصول العملاء إلى الخدمات المصرفية الأساسية. كما أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة إلى عزوف المستثمرين المحليين والأجانب عن تمويل المشاريع، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاع، مما قلّص قدرة البنوك على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد ركيزة الاقتصاد الوطني.
وتسبب توقف الأعمال وتدهور مصادر الدخل في عجز العديد من العملاء عن سداد قروضهم، ما أدى إلى زيادة القروض المتعثرة، وأثّر سلباً على ميزانيات البنوك واستقرارها المالي. وطالت الحرب عدداً من الفروع والمراكز المالية وأجهزة الصراف الآلي، كما أدت إلى تعطيل حركة النقد وتأخير المعاملات، مما زاد من تكاليف التشغيل وأضعف كفاءة النظام المالي. ودفع القلق من فقدان المدخرات أو انهيار النظام المصرفي الكثير من المواطنين إلى سحب أموالهم والاحتفاظ بها نقداً، ما فاقم أزمة السيولة وحدّ من قدرة البنوك على تمويل الأنشطة الاقتصادية.
ورغم هذه التحديات، سعت بعض البنوك السودانية إلى التكيف عبر تعزيز الخدمات المصرفية الرقمية، مثل التحويلات الإلكترونية والخدمات عبر الهاتف المحمول، وتقليص الاعتماد على الفروع التقليدية. كما أعادت بعض المؤسسات تقييم سياساتها الائتمانية، ورفعت حدود القروض الجديدة، ورشّدت الإنفاق لمواجهة الأزمات قصيرة المدى.
يتضح مما تم سرده أن الحرب الداخلية ألقت بظلال ثقيلة على القطاع المصرفي السوداني، حيث أضعفت الأداء المالي، ورفعت المخاطر الائتمانية، وخفضت ثقة المواطنين بالمصارف. كما أدت إلى تراجع الاستثمارات، وتعطيل المشاريع الاقتصادية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي الوطني. ويبرز من ذلك حاجة القطاع المصرفي إلى استراتيجيات مرنة وواضحة لمواجهة تداعيات النزاعات المسلحة، بما يضمن استمرارية الخدمات المالية، وحماية المدخرات، وتقليل الخسائر الاقتصادية.
ومن أبرز التوصيات التي يمكن تبنيها في هذا السياق: تعزيز استقرار البنية التحتية المصرفية عبر خطط طوارئ لحماية الفروع والمراكز المالية، وتوسيع الخدمات المصرفية الإلكترونية لتقليل الاعتماد على الفروع التقليدية، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال حوافز وتشريعات مشجعة، واعتماد نظم متطورة لإدارة المخاطر الائتمانية، وتنظيم حملات توعية لتعزيز الثقة المجتمعية بالمصارف، والتعاون مع الجهات الأمنية لضمان نقل الأموال بأمان، وأخيراً إعداد خطط استجابة للأزمات تضمن استمرارية الخدمات المالية في حال حدوث تصعيد مسلح.