مقالات الرأي
أخر الأخبار

ترجّل فارس الطرق… ودروس في الوفاء والعطاء من مهندس بقامة وطن بقلم: محمود صالح عبدالله

ترجّل فارس الطرق… ودروس في الوفاء والعطاء من مهندس بقامة وطن
بقلم: محمود صالح عبدالله – إدارة الإعلام بالهيئة القومية للطرق والجسور

بالأمس، ترجّل فارس من فرسان الطرق الأوفياء، بعد أن صدر قرار إنهاء تكليفه من قيادة الهيئة القومية للطرق والجسور، ليس لقصور في الأداء أو ضعف في العطاء، بل لانتهاء رحلة خدمة امتدت لأكثر من أربعة عقود من العمل المتواصل والتفاني في خدمة الوطن.

إنه المهندس المستشار جعفر حسن آدم بلل، الرجل الذي يمكن أن نصفه دون مبالغة بأنه رجل في قامة وطن. سكب عرقه وجهده منذ نعومة أظافره في ميادين العمل الهندسي، عقب تخرّجه من جامعة الخرطوم العريقة، وتخصّصه في هندسة الطرق. مضى بخطى واثقة حتى بلغ درجة مستشار، وهي من أرفع الدرجات العلمية والمهنية، تقلّد خلالها عدداً من المواقع القيادية داخل الهيئة، إلى أن تبوأ منصب المدير العام، كما كُلِّف في فترة سابقة وكيلاً لوزارة الطرق والجسور في ظروف استثنائية.

في عهده، شهدت الهيئة القومية للطرق والجسور طفرة تنموية وإدارية غير مسبوقة، وارتبط اسمه بإنجازات سيظل التاريخ يذكرها طويلاً. يكفيه شرفاً أنه كان وراء تنفيذ وافتتاح طريق أمدرمان – بارا (طريق الصادرات)، المشروع الذي نالت به الهيئة نجمة الإنجاز، لما حققه من أثر اقتصادي واجتماعي كبير باختصار المسافات وتسهيل الحركة التجارية وفتح الأسواق وربط المجتمعات ببعضها.

لم تعرف همّة الرجل الكلل، حتى في أحلك الظروف التي مرّ بها السودان. ففي وقتٍ توقفت فيه مؤسسات كثيرة عن العمل بسبب الحرب، برزت الهيئة بقيادته كقوة بناء، تعمل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، تمهد الطرق وتشق مسارات التنمية. من بين تلك المشاريع، طريق الكرامة (القضارف – الحوري – قلع النحل) الذي مثّل بديلاً استراتيجياً أسهم في تحرير مناطق عديدة وربط ولايات السودان ببعضها.

لقد كان المهندس جعفر حسن آدم مثالاً نادراً في التفاني والانضباط والالتزام، يقضي وقته بين الخرائط والمخططات الهندسية، لا يعرف للراحة طريقاً. كان يعيش همّ العمل، ويجوب مواقع التنفيذ مرتدياً “الأفرول” بين العمال والمهندسين، يتأكد بنفسه من دقة التنفيذ، لا تمنعه الأمراض ولا الإرهاق من أداء واجبه الوطني.

برحيله الإداري، تفقد الهيئة قائداً شامخاً حمل همومها كالأب، وواجه التحديات بصبر الحكماء وحنكة القادة. مثّل رمزاً للخبرة والعطاء النزيه في الخدمة المدنية، وأحد صُنّاع النهضة في قطاع البنية التحتية بالسودان.

إن من حق هذا الرجل أن يُكرَّم بوسام الخدمة الممتازة، وأن يُستفاد من خبرته وعلمه كمستشار للدولة، فهو موسوعة هندسية ووطنية نادرة. فقد وضع بصماته على كل طريقٍ ممتدّ، وأسّس لمدرسة في القيادة والعمل الميداني تستحق أن تُدرّس للأجيال القادمة.

ونحن إذ نودّع هذا القائد الفذ، نرفع الدعاء له بأن يجعل الله كل ما قدّمه في ميزان حسناته، وأن يمده بالصحة والعافية، ويكتب له أجر ما أنجز لوطنه.

كما نتمنى التوفيق والسداد للمهندس أحمد عثمان الشيخ، المدير العام الجديد للهيئة، وهو ابنها البار وأحد أعمدتها الفنية والإدارية المتميزة، ليواصل مسيرة البناء والعطاء على ذات النهج الراسخ الذي وضع لبناته فارس الطرق الأول، المهندس جعفر حسن آدم بلل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى