الأخبار

أتجاهات* *بابكر بشير* *الحركة و المليشيات: لماذا تقتل و تشرد المدنيين* *قراءة تحليلية في عقل الحرب السودانية*

*أتجاهات*
*بابكر بشير*

*الحركة و المليشيات: لماذا تقتل و تشرد المدنيين*
*قراءة تحليلية في عقل الحرب السودانية*

في عمق المأساة السودانية، تتصاعد هجمات الحركات و المليشيات المسلحة السودانية، علي مراكز الإيواء و المستشفيات و مواقع النزوح و الأسواق و المناطق المدنية، مثلما حدث من قبل في الفاشر و يحدث في جنوب كردفان من قبل الحركة الشعبية – جناح الحلو و ميليشيات “دقلو”

السؤال الذي يطرح نفسه عريضاً: لماذا تصر الحركة الشعبية قتل أبناءها المدنيين؟ و ما هو الهدف من تشريد و تهجير المواطنين من مناطقهم؟
للإجابة على هذا السؤال الحائر، لابد من قراءة في عقلية قادة الحروب في السودان.

الحرب في السودان هي حرب بلا ضوابط او التزام اخلاقي او سياسي، حيث يغيب التمييز بين المدني الأعزل و القوة المقابلة المحصنة بالسلاح. فعندما ” تُقهر” القوات المتمردة و تفقد ميدانياً السيطرة علي مناطق نفوذها، تلجأ إلى اسلوب الإنتقام و زرع الرعب و الفوضى لدي المواطنين. بهدف احداث صدى و “فرقعة اعلامية ” واسعة لتظهر الحكومة مظهر الضعيف الذي لا يستطيع حماية مواطنيها.
فضرب المدنيين لدى “اجندة هؤلاء” بمثابة اوراق ضغط للفت انتباه المجتمع الدولي، الى جانب إكتساب مزيداً من الأرضية في ميزان التفاوض. فكلما زادت المأساة زادت احتمالات تحرك القوى الخارجية، من بوابة الأوضاع الإنسانية.

و زيادة على تلكم الأبعاد، فإن هنالك ابعاد اخري: نفسية و سياسية في ضرب وقتل و تشريد الحركة الشعبية لأبناءها: إذ ان معظم المقاتلون من أبناء جبال النوبة لدي الحركة وُلدوا و نشأوا أثناء اجواء الحرب الطويلة المستمرة في المنطقة، و عايشوا لسنوات طويلة فصول المعاناة و الظروف المعقدة، مما افقدتهم إنسانيتهم و جردتهم من الأخلاق و القيم العقدية، فضرب المستشفيات و مراكز الإيواء، كما حدث في (الدلنج) و الأبيض من قبل و كادقلي، لعمري هو سلوك غير اخلاقي في المقام الأول، و لا يتماشى و أخلاق العمل المسلح، سيما القانون الانساني الدولي.

كثير من القادة و المقاتلين و لسنوات الحرب الممتدة، دخلوا مرحلة من الانفصال النفسي عن الواقع، فلا يرون في آهاليهم المدنيين سوى رموز للإستعداء و الخيانة. فحينما يتشوه الوعي الجمعي داخل “حركة مسلحة” يصبح القتل الأعمى وسيلة للتنفيس عن الغضب، تتمظهر في ضربها مواقع مدنية، فهي بذلك لا تقتل “عدوها” بل تقتل ذاكرة المكان الذي خرجت منه.
الحروب لا تنتصر فيها التشفي، بل العقول التي ترفض الفوضي و العبس. لم تبق للحركة الشعبية من قضية عادلة، بقتلهم سكان المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى