مقالات الرأي
أخر الأخبار

عبدالغفار بنباني يكتب … أزمة الفاعلية في قيادة الحكومة السودانية: أين هو دور رئيس الوزراء؟”

عبدالغفار بنباني يكتب …
أزمة الفاعلية في قيادة الحكومة السودانية: أين هو دور رئيس الوزراء؟”

يتساءل الرأي العام اليوم، وبشكل متزايد، عن غياب رئيس الوزراء ودوره في إدارة المشهد الوطني. فعلى الرغم من ظهوره في بدايات توليه المنصب متجولًا بين المواطنين، ساعيًا إلى كسب ثقتهم وإظهار روح المبادرة والتفاؤل، إلا أن هذا الحضور سرعان ما تراجع بشكل ملحوظ، ليغيب عن المشهد دون أي توضيحات رسمية. وتبرز هنا إشكالية متكررة في الحياة السياسية السودانية، تتمثل في عجز النخب عن ممارسة قيادة فعّالة تتسم بالوضوح والمسؤولية.

إن امتلاك الكفاءة والخبرة وحده لا يكفي؛ فالقائد يحتاج قبل ذلك إلى فاعلية شخصية وقدرة عملية على إدارة الأزمات والتواصل مع الشعب. وهذا القصور هو ما يعمّق الفجوات بين القيادة والمواطنين ويجعل مؤسسات الدولة أقل قدرة على الاستجابة لمتطلبات المرحلة.

كما يظل تغييب الشباب عن مواقع التأثير في السلك الدبلوماسي ومراكز اتخاذ القرار أحد أبرز مظاهر الخلل. فالسودان اليوم يعيش ظرفًا استثنائيًا يتطلب تجديدًا في الدماء وإشراكًا حقيقيًا للطاقة الشبابية، وليس الإبقاء على أنماط الإدارة التقليدية التي أثبتت محدوديتها.

لقد أصبح سوء إدارة الصلاحيات وغياب الشفافية في تمليك المعلومات للرأي العام من الأسباب الجوهرية لفقدان الثقة بين الشارع والسلطة. ورغم محاولات حجب الحقائق، يدرك المواطنون تمامًا واقع الأوضاع، خاصة في ظل ما يشهده السودان من نزوح واسع ومعاناة إنسانية خانقة. فقد تحوّل المواطنون إلى باحثين عن الحد الأدنى من مقومات الحياة في دول الجوار، بعدما ضاقت بهم أوضاع البلاد، بينما باتت صور المساكين والأيتام في معسكرات النزوح تعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الوطن.

إن دعوات مشاركة الشباب لم تعد كافية ما لم تترافق مع خطوات عملية تضع الشخص المناسب في الموقع الذي يتطلب الكفاءة والحيوية والنشاط. فالمرحلة الراهنة تحتاج إلى قيادة تمتلك القدرة على التفاعل والتحرك، لا الاكتفاء بالظهور الرمزي أو الخطاب التقليدي.

وفي الختام، يبقى الأمل قائمًا في أن يستعيد السودان عافيته من خلال بناء دولة تعتمد على سواعد أبنائها وشبابها، فالأوطان لا تنهض إلا بإرادة مواطنيها وإيمانهم بقدرتهم على إحداث التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى