مقالات الرأي

*خيبة أمل تتّسع.. وشعبٌ ينتظر دولة لا تأتي.. بقلم د. إسماعيل الحكيم*

*خيبة أمل تتّسع.. وشعبٌ ينتظر دولة لا تأتي.. بقلم د. إسماعيل الحكيم* *Elhakeem.1973@gmail.com*
لم يعد الإحباط في السودان إحساسًا مختبئاً أو مدسوساً، ولا شكوى تُنسى مع مرور الأيام. لقد تسرّب اليأس إلى النفوس بصمتٍ، حتى كاد يتحوّل إلى مزاج عام، وإلى يأس يطرق أبواب القلوب التي أنهكتها الحرب، وأضنتها الأزمات، وأثقلتها الوعود المؤجلة.
في بلدٍ أنهكته السنوات، وكان وما يزال الناس ينتظرون “حكومة أمل” تعيد ترتيب الفوضى، وتجمع الشعث، وتحمل على عاتقها مهمة انتشال البلاد من هوة الانقسام الخسارات. إلى النهضة والتطور والإزدهار.. غير أنّ الواقع جاء مفاجئًا أو صادمًا، إذا أردنا الدقة. فبدل حكومة تُعيد الثقة وتعززها، ظهر مشهد مرتبك ، مؤسسات لا تنسجم، ووزارات تعمل بلا رؤية جامعة، وقرارات تُدار – كما قال وزير إعلامها – بـ”العلاقات الشخصية”، في اعتراف نادر يكفي وحده ليكشف حجم الخلل. وقد شهد شاهدٌ من أهلها!
لم تقدّم هذه الحكومة حتى يوم الناس هذا ما يُطمئن شعبًا دفع كل أثمان الصمود، فقد المال، وضياع الممتلكات، و دمار البيوت، وقد استُنزفت طاقاته، وتشتّتت أسرٌ بأكملها. لكن مع كل هذا، ظلّ الشعب متمسكًا بثقة لا تتزعزع في جيشه وقيادته، باعتبارهما السند الأخير في زمن اهتزّت فيه كل الدعائم والركائز.. واعمدة الثبات والتيقن..
غير أنّ أخطر ما يواجه حكومات الأزمات ليس فقط غضب الناس وعدم رضاهم، إنّما فقدان ثقتهم َتسلل اليأس إليهم. والثقة لا تُنتزع بالقوة، ولا تتكوّن من الشعارات، ولا تُبنى على الصور واللقاءات. إنها ثمرة إنجازات تُرى رأي العين، وإجراءات تُحسّ في حياة الناس، ورؤية واضحة لا تهتزّ أمام العواصف.
وما يشهده المواطن اليوم من انشغال حكومته بصغائر الأمور وسفاسفها، وتراشق مؤسسية بيّن، وتيه إداري لا يليق بحجم المرحلة، هو أمر لا يمكن أن يكافأ به شعب عظيم مثل الشعب السوداني، شعبٌ قدّم الكثير، وصبر كثيرًا، وينتظر ما هو أكبر من الكلمات، وأعلى من الخطابات.
لقد آن لهذا الشعب أن يرى بشريات حقيقية على الأرض، خطوات ملموسة، وقرارات جادة، وتوجّهًا وطنيًا صادقًا لا تخطئه العين. فإما أن تدرك الحكومة حجم اللحظة، وتنهض إلى مستوى التحدّي، وإلّا فإن الفجوة بين الناس وحكومتهم ستتّسع، وقد يصعب ردمها يومًا ما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى