مقالات الرأي
أخر الأخبار

البرهان السيسي : وحدة السودان بين ضرورات الأمن وتعقيدات التحالفات

البرهان السيسي : وحدة السودان بين ضرورات الأمن وتعقيدات التحالفات

إدريس هشابه

في لحظة إقليمية بالغة التعقيد، جاء لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ليعيد التأكيد على ثوابت سياسية وأمنية ظلت تحكم العلاقة بين الخرطوم والقاهرة، وعلى رأسها أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر، وأن وحدة الأراضي السودانية تمثل خطاً أحمر في حسابات الطرفين. اللقاء لا يمكن قراءته بوصفه بروتوكولياً أو عادياً، بل يندرج في إطار تجديد المواقف المشتركة تجاه القضايا الجوهرية التي تهدد استقرار الإقليم، وفي مقدمتها الحرب الدائرة في السودان، وتداعياتها الأمنية والإنسانية، وانعكاساتها المباشرة على مصر وحدودها الجنوبية. فالقاهرة، بحكم الجغرافيا والتاريخ وتشابك المصالح، تدرك أن أي انفلات أمني أو تفكك سياسي في السودان لن يبقى محصوراً داخل حدوده، بل سيمتد تأثيره إلى العمق المصري. في هذا السياق، تحرص مصر على إدارة موقف متوازن يأخذ في الاعتبار مصالحها الاستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها ملف سد النهضة، الذي يظل هاجساً أمنياً وجودياً للقاهرة. ويبدو أن القاهرة تسعى، عبر بوابة دعم وحدة السودان ومؤسساته الشرعية، إلى الحفاظ على شريك دولتي مستقر في معادلة حوض النيل، بما يعزز موقفها التفاوضي ويمنع انزلاق السودان إلى مسارات فوضوية قد تُستغل ضد مصالح البلدين معاً. غير أن هذا التوازن المصري لا يخلو من تعقيدات، لاسيما في ظل علاقات القاهرة مع أبوظبي، التي تُتهم بدعم مليشيا الدعم السريع، وهو ما يضع مصر أمام معادلة دقيقة: كيف تدعم الدولة السودانية ومؤسساتها، وتحافظ في الوقت ذاته على شبكة تحالفاتها الإقليمية؟ لقاء البرهان–السيسي يمكن فهمه كمحاولة لتأكيد أولوية الدولة الوطنية في السودان، دون الدخول في صدامات معلنة مع أطراف إقليمية مؤثرة. لكن مهما بلغت أهمية الدعم الإقليمي والدولي، تظل الحقيقة الأكثر رسوخاً أن أي حل للأزمة السودانية لا يمكن أن ينجح دون التعويل على الجبهة الداخلية. فاستصحاب رغبة الشعب السوداني، الذي يرفض وجود المليشيات وفي مقدمتها الدعم السريع في أي معادلة سياسية أو عسكرية، يمثل شرطاً أساسياً لبناء سلام حقيقي ومستدام. تجاهل هذا الصوت الشعبي لا يعني سوى إعادة إنتاج الأزمة بأشكال مختلفة، حتى وإن تبدلت الواجهات والمسميات. من هنا، يكتسب لقاء البرهان والسيسي دلالته الأعمق ليس فقط في كونه تجديداً لمواقف مشتركة، بل باعتباره رسالة مفادها أن وحدة السودان وأمنه عنصر استقرار إقليمي لا غنى عنه، وأن أي تسوية لا تنطلق من الداخل، وتحترم إرادة السودانيين، ستظل حلولاً هشة، قابلة للانهيار عند أول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى