في ملتقى الطب العلاجي بسنار.. قيادات الصحة تضع خارطة طريق لإعادة بناء النظام الصحي تحت شعار “رغم الحاصل.. لازم نواصل

في ملتقى الطب العلاجي بسنار.. قيادات الصحة تضع خارطة طريق لإعادة بناء النظام الصحي تحت شعار “رغم الحاصل.. لازم نواصل”
سنجة:
شهد ملتقى الطب العلاجي المنعقد بولاية سنار جلسة نقاشية رفيعة المستوى بعنوان “الصحة بعيون القيادة”، استعرضت رؤية استراتيجية شاملة لإصلاح النظام الصحي في السودان. تناولت الجلسة تشخيصاً دقيقاً للواقع الحالي وتحديات الحرب، مع طرح بدائل عملية لضمان الاستدامة والمرونة.
أولاً: رؤية وزير الصحة الاتحادي (البروفيسور هيثم محمد إبراهيم)
قدم السيد الوزير تحليلاً هيكلياً للنظام الصحي مستنداً إلى الركائز الست الأساسية (الحوكمة، التمويل، الموارد البشرية، الأدوية، التقانة الطبية، والمعلومات الصحية)، مشدداً على النقاط التالية:
الحوكمة والسيادة: أكد أن الدواء قضية أمن قومي تستدعي تدخلاً مباشراً من الدولة، مشيراً إلى أن المجتمع المحلي يساهم بنسبة تتراوح متفاوته في تشييد المرافق الصحية، مما يتطلب مواءمة هذا الجهد الشعبي مع الخطط الرسمية.
تحدي التمويل: حذر من الازدواجية والتضخم في التكاليف نتيجة غياب التنسيق بين نظام العلاج المجاني ومظلة التأمين الصحي، داعياً إلى توحيد الرؤية المالية لضمان استدامة الخدمة.
العلاقة بين المركز والولايات: انتقد غياب التنسيق في تعيين القيادات وافتتاح المرافق الصحية بالولايات دون الرجوع للمركز، مما أدى لخلل في التخطيط القومي وهجرة الكوادر نحو القطاع الخاص أو التعاقدات غير المستقرة التي تضعف جودة الخدمة.
التدريب المستمر: شدد على ضرورة تأهيل القابلات والكوادر الوسيطة كضمانة لاستمرارية الخدمة في كافة الظروف.
ثانياً: رؤية وكيل وزارة الصحة الاتحادية (د. علي بابكر سيد أحمد)
طرح السيد الوكيل نظرة نقدية بناءة ترى في الأزمة الحالية فرصة للتغيير الجذري، وتركزت مداخلته حول:
إعادة الإعمار: أكد أن الحرب كشفت تراكمات مزمنة، مما يحتم بناء نظام صحي جديد يتجاوز “الشمولية المفرطة” ويعتمد على الكفاءة والرشاقة الإدارية.
سد الفجوة التنفيذية: أوضح أن الوزارة تمتلك خططاً استراتيجية، لكنها تفتقر لآليات التنفيذ الفعالة، مما يتطلب “جرأة” في اتخاذ قرارات الإصلاح البنيوي.
المستشفى والمجتمع: دعا إلى تحويل المستشفيات إلى منارات تواصل مجتمعي، مؤكداً أن ضعف هذا التواصل يدفع المواطنين لبناء أنظمة موازية بعيدة عن رقابة الدولة.
توزيع الأعباء: طالب بإدارة فعالة لمتابعة الضغط المتزايد على المستشفيات الولائية وتوزيع الأعباء الصحية بشكل عادل.
ثالثاً: رؤية مدير الإدارة العامة للطب العلاجي (د. حيدر عبد النبي)
استعرض د. حيدر تجربة الطب العلاجي الميدانية في إدارة الأزمة، مبيناً ركائز صمود النظام:
الحلول غير التقليدية: أشار إلى نجاح الوزارة في استخدام “الإسقاط الجوي” لإيصال الأدوية للمناطق المحاصرة، وتفعيل الشراكات المجتمعية لضمان تشغيل المستشفيات.
نماذج الصمود: ضرب أمثالاً بمستشفى “الجكيكة” ومستشفيات “الفاشر” كأيقونات للصمود المهني، داعياً لتعميم تجربة “الجكيكة” في النظافة والأسلوب الإداري المتميز.
مرونة النظام: حدد ركائز المرونة في (الكادر البشري المثابر، التنسيق المحكم، والقدرة على التكيف مع الموارد المتاحة).
رابعاً: مخرجات وتساؤلات الاستدامة (تلخيص د. آلاء الطيب مدثر)
خلصت الورقة التي لخصتها مدير الإدارة العامة للصحة الدولية إلى مجموعة من التساؤلات والتوجهات المستقبلية:
ضرورة رسم “خارطة صحية” جديدة تراعي المتغيرات الديموغرافية بعد الحرب.
التحول نحو الاعتماد على الكوادر الشابة والحلول المبتكرة.
الحد من “المجاملات السياسية” في افتتاح المراكز الصحية التي تفتقر للمقومات والميزانيات التشغيلية.
تعزيز دور المنظمات الشعبية والمبادرات المجتمعية كشريك أصيل في الإدارة وليس فقط في التشييد.
الخلاصة:
أجمع المتحدثون على أن التعافي يبدأ من “سنار”، وأن إصلاح الحوكمة والتمويل والتنسيق بين مستويات الحكم هو السبيل الوحيد لبناء نظام صحي مرن يقوى على مواجهة الصدمات ويخدم المواطن بكرامة.



