
*الإستجابة الواجبة.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. بقلم د. إسماعيل الحكيم*
Elhakeem.1973@gmail.com
إنّ سجلات التأريخ ولحطاته المفصليات ، لا تُقاس المواقف فيها بكثرة الضجيج، ولا تُوزن الوطنية عندها بحجم الشعارات، وإنما تُعرف بصدق الاستجابة، وحسن الاصطفاف، ووضوح الانحياز للحق وأهله. ومن هذا الباب يأتي نداء الدعاء والتضرع الذي أطلقته اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية، بقيادة سعادة الفريق بشير مكي الباهي، نداءً يلامس جوهر العقيدة، ولبّ المسؤولية، وعمق الواجب الوطني في زمنٍ تتقدّم فيه المعركة إلى كل بيت، وكل قلب، وكل ضمير.
إن واجب الوقت، بلا مواربة، يجعل كل سوداني جنديًا في موقعه، داعمًا لقواته المسلحة، ومساندًا لها بما يملك ويستطيع، وأدنى ذلك – وأعظمه أجرًا – أن يرفع كفيه إلى السماء، مستجيبًا لأسبوع النصرة بالدعاء الصادق الذي أطلقته ودعت إليه لجنة الإستنفار ، متسلحًا باليقين، ومرددًا بصدق وانكسار:
“حسبنا الله ونعم الوكيل”.
هذه الكلمة لبست ترداداً لفظياً، ولا دعاءً عابرًا، بل هي إعلان توحيد، وبيان اعتماد، وتفويض كامل لمن بيده النصر والخذلان. وهي كلمة جُرّبت في أشد المحن، فكانت مفتاح الفرج، وسرّ الغلبة، كما كانت أسوة وقدوة بخير من وطئ الثرى من أنبياء الله، الخليل إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، وسيدنا محمد ﷺ حين ضاقت به السبل وتكالب عليه الأعداء، فكانت الحسبنة زادهم، وكانت كفاية الله لهم بالنصر المبين وتحقيق المرتجى..
لقد ظلت اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية، منذ اندلاع هذه المعركة، سندًا وعضدًا لقواتنا المسلحة، لا تدّخر وسعًا، ولا تعرف كللًا، تصل الليل بالنهار، وتعمل في صمتٍ وتجرد، من أجل هدفها الأسمى وغايتها الأعلى حفظ السودان، وصون سيادته، وتمكين جيشه من أداء واجبه التاريخي في حماية الأرض والعرض والإنسان.
ويجيء هذا النداء المبارك، والبلاد تستقبل عيدها السبعين، وذكرى إستقلالها المجيد، لتعيد تعريف المعنى الحقيقي للاستقلال، فليس الاستقلال راية تُرفع ، ولا نشيدًا يُردد، بل هو أولًا وأخيرًا اكتفاءٌ بالله، واعتصامٌ بحبله، وتوكلٌ صادق عليه. بل استقلال القلوب من الخوف، واستقلال الإرادة من التبعية، واستقلال الأمة بثقتها في ربها قبل سلاحها.
إنها دعوة مفتوحة، صادقة، وعاجلة، لكل أبناء وبنات السودان في أي مكان، أن يملأوا الفضاء الكوني بهذه الحسبنة، أن يكون لسماء السودان وأرضه زجلٌ وتسبيحٌ لا ينقطع، أن تتحول “حسبنا الله ونعم الوكيل” إلى نبضٍ جماعي، ودعاءٍ شامل، يخرج من البيوت، والمساجد، والطرقات، ومن خلف المتاريس، ومن قلوب الأمهات الصابرات، وصدور المجاهدين المرابطين..
وكما أنجز الله لأنبيائه ما أرادوا بالحسبنة، فإن الله – وهو نعم المولى ونعم النصير – منجزٌ لأهل السودان ما دعوه ورجوه، إذا صدقوا النية، وأخلصوا التوكل، ووحدوا الصف، وأيقنوا أن النصر من عند الله وحده.
فإنها حسبُنا… ونعم وكيلنا.


