
الجزيرة لم تمت فلا تنعوها …..
حسام الدين محجوب على
من لم يصبح مع إشراق هذا الصباح هاذياً لا يعلم يمناه من يسراه و قلبه يشق الضلوع هرباً من موضعه مرتعشاً ليس براجفٍ ، فهو حتماً من جنس آخر لا نعلمه و لا اود هنا حيونته اكراماً للحيوان .
ما حدث و يحدث فى الجزيرة عار يتطاول لنصف العام الان يطالنا جميعاً و من لا يراه كذلك او يتستر خلف اى حجة كانت فهو ليس منا .
اهلى و عزى و فخرى ، الجزيرة الخضراء الجزيرة الغرة يا من آليت على نفسك رفعة هذا الوطن فدخلت التاريخ كأكبر مشروع زراعى فى الكون ، وحدة واحدة متكاملة مكتملة إلى الآن . وحد كل أجناس و ملل و قبائل السودان و صهرهم فى مرجل واحد سماه ” اهل الجزيرة” فزرعوا و ضرعوا و لم يكنزوا و لم يمتنوا فكان خير الجزيرة هو أكبر رافد لخزينة الدولة و رفع الوطن حتى ظهر البترول و الذهب.
ما لا يعلمه كل السودان عدا اهلى ، ان السودان المركزى لم يدفع من خزانته العامة قرشاً واحدًا لتنمية الجزيرة بل ان اهلها كانوا يستقطعون 2% من مدخولهم عند الحصاد للتنمية و الخدمات فى الجزيرة .
لا عنصرية فى الجزيرة و لا جهوية عدا التقسيمات المناطقية بزعاماتها و التى حافظت على النسيج الاجتماعى و أمنت كل القرى و المدن فى الجزيرة و اعلوا ثقافة العمل و الإنتاج و حاربوا ثقافة النهب و الاقتتال لان الحقوق تؤخذ و لا تنزع بين ابناء الوطن الواحد .
رسخ زعماؤها ثقافة السلم و نبذ التسلح فلا تجد فى بيوت الجزيرة من سلاح إلا المنجل للإنتاج و السكين للتقطيع و العصا للهش و القلم للعلم .
لا تجد فى الجزيرة من يفخر بقبيلته بل يتفاخر بجزيرته حتى صار الكل من ” عرب الجزيرة ” مهما كانت سحنته او لونه او ديانته ، فلهجة اهل الجزيرة واحدة بنعلاتهم و لكعانهم و هيعاتهم حفظها المولى و بقيت ما بقى الكون انه على كل شئ قدير.
فى اتفاقية جوبا رفضوا إقحامهم و رفضوا تقسيمهم بحجة من حج اليها من أقاليم اخرى و مطالبة لوردات الحروب بالتكسب من ورائهم و نقل ارثهم للجزيرة فرفضوا التمييز الإيجابى و عِلله و ليت الايام لم تصدق بعد نظرهم بحرب انذروا بها و حذروا و عملوا على تنبيه اخوانهم فى الوطن من نفخ لهيبها.
الجزيرة قدر الله لها ان ترفع الوطن فى عزها و ان تنفع الوطن فى وطئتها فدفعت ثمن سلميّتها أرواحاً آمنة فى برزخه و اعراض هائمة فى ملكوته حين هوجمت و تركت و استبيحت و دفعت باقى الوطن للتسلح و حماية نفسه من عدو لا يعلم للسلم و لا للعلم و لا للإنتاج قيمة .
لمن لا يعلم فان ابناء الجزيرة هم من يقودون اليوم و لعام مضى مجموعات القتال الرسمية فبطولات المهندسين و امدرمان قيادتها ابن من ابناء الجزيرة و عمليات الجيش و من افشل مخطط مليشيا الإرهاب فى ساعته الاولى و إلى الان ابن من ابناء الجزيرة و هيئة العمليات و القوات الخاصة يقودها ابن من ابناء الجزيرة و من ركز فى السلاح الطبى و هداء روع اخوته و حفزهم للبقاء و الاستبسال و كان غذاءً لروحهم ابن من ابناء الجزيرة و غيرهم كثر ، ضباط متمرسون منضبطون متعلمون لا تحركهم عواطف و لا يخالفون تعليمات حتى و لو دفع ثمنها اهلهم و قد دفعوا الثمن و لم يمتنوا و صمتوا حين خُذل اهلهم و تعالت أصوات غيرهم و ما زالوا .
هذه هى الجزيرة و هذى تعاليمها و ارثها الثقافى ، لكل عمله و لكل واجبه و يجب عليه القيام به دون عصبية و لا مناطقية و لا سحنة تؤلبهم على ابناء وطنهم الكبير ، عظيمهم الله و عظمتهم السودان يدورون به فى كل ارجاء المعمورة دون حياء او ايديولوجيا. اسلامهم عقيدة دون ايديولوجيا او انتماء منظم ، مسيحيتهم دين و ايمان دون استهداف عصبى .
عندما نودى للاستنفار تقادموا و قدموا و لم يتذمروا لتأخير عتاد و لم يناحروا للفوز بسلاح اخوانهم فى الوطن ، لم يدينوا جيش بلادهم لتركهم فى خلاءٍ عزل و ما زالوا كعدهم ، دائماً يقدموا الغير عليهم و دوماً يدفعون الثمن .
رجاء لا تفاخروا بذمهم ، اتركوهم بهمهم و حزنهم .
دعوهم يقبروا اهلهم و يلملموا شتات عرضهم .
دافعوا عن انفسكم و لا تدفعوهم لهلاكهم ، فلم تجيروهم حين استجاروا بكم .
سلاحهم قادم و ربهم حاضر و مستقبلهم سيشرق و لن يكن لكم يدٌ فيه .
ستحارب على ارضها و ستحارب فى وطنها و هناك من أبنائها من لا تعلمون و يحاربون خارج الوطن لكل الوطن فينجحون و يكسرون و لا يتشدقون ، فهذا ما جُبلوا عليه .
اتركوها فلم تترككم من قبل …..
رجاءً لا تنعوها فلم تمت ……. فهذه الجزيرة