مقالات الرأي
أخر الأخبار

علم الدين عمر يكتب….. *سهير عبدالرحيم… حين يتوّج القلم بالإنسانية*

*علم الدين عمر يكتب* ✍️

*سهير عبدالرحيم… حين يتوّج القلم بالإنسانية*

في مساء دافئ من أمسيات العاصمة الأمريكية واشنطن، وبينما كان المسرح يعجّ بأسماء نسائية لامعة من كل أرجاء الوطن العربي، تقدّم أسم صحفية من السودان ترتدي بساطة الأرض ووجعها، بقلبٍ مثقل بالأمل وقلمٍ ما زال مشتعلاً بالحبر والحق..

صعدت الصحفية السودانية سهير عبدالرحيم إلى المنصة، تتسلم واحدة من أرفع الأوسمة المعنوية التي قد تمنحها المؤسسات الدولية: جائزة أفضل 100 شخصية نسائية مؤثرة في الوطن العربي لعام 2025، من قبل المنظمة الدولية للعمل التطوعي IOV.

ليست سهير وجهًا جديدًا على الشاشات أو صفحات الجرائد، أو أشجان المجتمعات وأشواق الغبش لكنها وجهٌ يعرفه الشارع السوداني جيدًا، ويدرك قيمته كل من نام على الرصيف ولم يجد غطاء، أو سار جائعًا ووجد “فطوركم علينا”، أو تشبّث بالأمل ووجد “خطوة عشم”.

*الحبر الذي اشتعل نارًا،،،*

منذ بداياتها الصحفية، لم تكن سهير ممن يكتفون بالسرد البارد. كانت كتاباتها تشبهها.. جريئة، صريحة، لا تخشى مواجهة السلطة أو التقاليد، تقبض على الكلمات كمن يقبض على الجمر، وتصرّ على أن الصحافة ليست مجرد حكاية تُروى، بل سلاح يُشهر في وجه الظلم.

ولكن الجائزة هذه المرة لم تأت فقط من أقلامها التي شحذت الرأي العام، بل من روحها الإنسانية، من تلك المبادرات الصغيرة التي بدأت بها وحدها، وامتدت لتلامس آلاف المحتاجين ..من “دفيني” في ليالي الشتاء، إلى “وصلني” لطلاب المدارس …والتي أمتدت للمسنين والمرضى، إلى حملات التبرع التي كانت تقودها كما لو كانت تقود مظاهرة حب في وجه القسوة.

*الدمعة التي سقطت بهدوء،،*

حين أستلمت الجائزة، لم تُطلق الكلمات الصاخبة. اكتفت بالقول: “أُهدي هذا التكريم لجنودنا البواسل، ولنساء بلدي الصامدات، ولصبيّ في معسكر نازحين أعطاني ابتسامة يومًا مقابل وجبة عدس.” ثم صمتت قليلاً، ومسحت دمعة سقطت دون أستئذان..
ذلك الصمت، كان أبلغ من كل الخطب…

*التكريم الذي عاد إلى الوطن،،*

لم تكن الجائزة مجرّد لحظة فخر فردي، بل صارت حديث الشارع السوداني، في بيوت النازحين، في مقاهي المدن التي تعاني من الحرب، في قلوب النساء اللائي رأين في سهير امرأة تشبههن، تشبه همومهن، وأحلامهن المتعثرة.

وفي منشور قصير على صفحتها بعد الحفل، كتبت: “ربما نحن شعب لا تُعرض مآسينا على القنوات كثيرًا، لكننا شعب يستحق الحب… وأقلّ ما أفعله هو أن أكون صوتًا له.”

*في الختام،،*

قصة سهير عبدالرحيم ليست فقط عن جائزة أو لحظة مجد، بل عن رحلة ممتدة من الشجاعة والصدق، عن امرأة لم تنتظر التصفيق، لكنها نالته لأنها تستحقه ..عن قلمٍ لم ينكسر، ويدٍ لم تتعب، وقلبٍ ظلّ نابضًا بالحقيقة رغم كل شيء…

سهير عبدالرحيم، لم تفز بالجائزة فقط… بل فازت بثقة وطن، وبحبّ شعب، وبخلودٍ لا يُصنع من الذهب، بل من أثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى