منبر_الكلمة جلال الجاك أدول أبيي ليست خارج الوطن: لماذا يجب تمثيل دينكا أبيي في حكومة إدريس؟

منبر_الكلمة
جلال الجاك أدول
أبيي ليست خارج الوطن: لماذا يجب تمثيل دينكا أبيي في حكومة إدريس؟
بينما يترقب الشارع السوداني ملامح الحكومة الجديدة التي سيُشكّلها الدكتور كامل الطيب إدريس قبل نهاية يونيو المقبل، تُطل من الهامش واحدة من أقدم المظالم المتوارثة في جسد الدولة السودانية تهميش مجتمع دينكا نقوك في أبيي، وحرمانه من التمثيل العادل في الحكومات المتعاقبة، رغم التضحيات الواضحة التي قدمها في كل منعطف وطني.
لقد شارك أبناء أبيي في معارك الكرامة الأخيرة ضد المليشيات المتمردة، ووقفوا بصلابة ضمن صفوف المقاومة الشعبية والقوات المسلحة، مقدمين أرواحهم دفاعًا عن وحدة التراب السوداني. لم يترددوا لحظة في أداء الواجب، بل كانوا كما عهدهم الوطن في مقدمة الصفوف. لكن المؤسف أن هذا الإسهام الوطني الجليل لم يُترجم إلى تمثيل سياسي يعكس وزنهم الحقيقي.
إن الحكومة المنتظرة بقيادة الدكتور كامل إدريس تُمثل فرصة حقيقية لتصحيح هذا الخلل. لم يعد مقبولًا أن يُعامل أبناء أبيي كغرباء في وطنهم، أو أن يُكتفى بتمثيلهم في مواقع هامشية لا تُحدث فارقًا في القرار المركزي.
ما نطالب به ليس صدقة سياسية ولا حصة جهوية، بل تمثيل مستحق. تمثيل يمكن أن يتجسد في إسناد حقائب وزارية حقيقية، مثل وزارة الحكم المحلي أو وزارة شؤون السلام أو التنمية الاجتماعية، فهذه مناصب تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة المجتمع السوداني، وهو ما يملكه أبناء أبيي بفضل تاريخهم في التعايش والربط بين الشمال والجنوب.
إن تكرار تغييب دينكا نقوك من مؤسسات الدولة يفتح الباب لمزيد من التصدعات، ويخلق شعورًا مريرًا بالخذلان داخل مجتمع طالما تمسك بالوحدة رغم المحن. الإقصاء لا يُنتج إلا مزيدًا من الفجوات، في وقت نحن فيه أحوج ما نكون لتضميد الجراح وإعادة بناء الثقة بين المركز والأطراف.
ولعل أهم ما يجب أن يُقال إن أبيي ليست مجرد منطقة حدودية متنازع عليها، بل هي رمز لتاريخ السودان المشترك، وصورة للتلاقي بين الثقافات والدماء. من الظلم أن تبقى خارج دائرة القرار.
نأمل أن تُشكّل الحكومة المقبلة بداية عهد جديد، يكون التمثيل فيه على أساس الكفاءة والعدالة، لا على أساس المحاصصة الضيقة أو الحسابات السياسية القديمة. ولتكن أبيي هذه المرة حاضرة، لا على الهامش، بل في قلب مشروع بناء السودان .