
دلالة المصطلح
وقيع الله حمودة شطة
معالم في طريق التشكيل الوزاري القادم (٣)
ونختم المقالات الثلاثة التي جاءت تحت هذا العنوان أعلاه ، وقد تناولت في المقالين السابقين بعض الملاحظات المهمة حول عملية اختيار السيد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس الطيب عبد الحفيظ لشاغلي الوزارة الجديدة في الحكومة الإنتقالية القادمة ، وجانبا من التحديات التي ستواجهه خلال عملية التشاور والاتصال والبحث عن شخصيات ذات كفاءة ونزاهة وحيادية نسبية متوازنة ، في ظل غياب المعلومات والبيانات حتي لدي من حوله ممن يدعون ويزعمون له عن معرفتهم بمعالم كيمياء وديمغرافية السودان المترامي ، الذي ظل يحكم بالمحاصصة القائمة على المحسوبية والشللية والمصالح الضيقة ، ونزوات الجلسات الليلية الخاصة … وربما دوافع قبلية وجهوية وحزبية وأسرية أفسدت الحكم والإدارة والسلطة والقانون في البلاد ، وورثت الصراعات والنزاعات المحسوسة من حروبات وخلافات ، والمخفية من ضغائن وخطاب كراهية وأزمات نفسية واجتماعية .
حين كتبت المقالين السابقين اتصل بي عدد مقدر من القراء المدركين والمختصين والمهتمين بالشأن السياسي السوداني، مشيدين بنهج عمود دلالة المصطلح في تناول القضايا العامة من خلال صحافة الرأي العام ، وبالمنهجية والموضوعية والجرأة في التناول ، والتنوير والتبصير والإرشاد والتحليل والنقد الموضوعي ، الذي يقدم المقترحات والمعلومات والتوصيف والتشريح والتجريح والتعديل، وتحليل البيانات والمعلومات والواقع ، وهذا هو الدور الفاعل للصحافة والإعلام ، وهي الوظائف الأهم للصحافة- كما ذكرت من قبل.
لكن كثيرين – أيضا تحدثوا معي حول خلل مهم في عقلية وشخصية صانع القرار السياسي ، وكنت – أيضا – قد تناولت صفات ومواصفات ومراحل دورة اتخاذ القرار السياسي في بلادنا ، وسمات شخصية رجل الدولة صانع القرار السياسي الراشد ، وهنا ننقل نبض الرأي العام ، الذي يري أن التشكيل الوزاري القادم لا يعدو أن يكون طلاء خارجي لعملية تتأثر بنفوذ رئيس مجلس السيادة وأعضاء مجلس السيادة ، وأصحاب ومعارف الدكتور كامل إدريس ، إذ لكل من هؤلاء قائمة مرشحين مرضي عنهم سواء توفرت فيهم المؤهلات المطلوبة ، أو نقصت ، وذكرت أيضا في المقالين السابقين ، أن البيئة السياسية السودانية موبوءة بجماعات الضغط والمصالح ، ومراكز القوة في الدولة التي ، تؤثر في صناعة القرار السياسي ، بل تعيق تنفيذ القرارات إذا ما تعارضت مع مصالحها الذاتية !.
ولذلك عندما تحدثت عن أهمية مراعاة السيد رئيس الوزراء للبعد الجغرافي في التشكيل الوزاري بعد استيفاء المؤهلات العلمية والخبرة والنزاهة والولاء الوطني ، والقيم الأخلاقية من أمانة ونزاهة عن الفساد والعمالة ضد الوطن والشعب ، حيث هناك ضرورة تقتضي مراعاة البعد الجغرافي والمكونات السكانية ، وضربت مثالا بولاية جنوب كردفان التي تمثل انموذجا حيا لاختلال ميزان التمثيل العادل للمكونات الاثنية والسكانية في ولاية متنوعة ومتعددة القبائل ، ظل التمثيل علي مستوي الولاية والمركز لاثنية محددة ، نتيجة فساد مراكز القوة في المركز والولاية ، والمحسوبية وتواطؤ كبار المسؤولين في الجيش والخدمة المدنية مع اثنياتهم رغم تظاهرهم بالزي القومي!.
وهنا يمكن نسوق مقاربة واقعية بعد ثورة ديسمبر وسقوط نظام الإنقاذ مرت الآن نحو سنوات ست تعالوا نقرأ في قائمة حصة جنوب كردفان في التمثيل المركزي ، لنري مقارنة بين تسع محلية في الغربية وثماني محلية في الشرقية ، علما أن الموارد وعدد السكان في الشرقية أكثر بلا مقارنة في الغربية – كان على النحو التالي :
في مجلس السيادة الأول وحكومة حمدوك :
١- الفريق أول ركن شمس الدين كباشي – الدلنج.
٢- دكتور صديق تاور أبو رأس- كادوقلي.
٣- دكتور عبدالله حمدوك – الدلنج
٤- دكتور حامد البشير الوالي السابق لجنوب كردفان – الدلنج.
٥- دكتور يوسف الضىء – الدلنج
٦- المهندس مبارك أردول- الدلنج.
وجاءت فترة الحكم الثانية وكانت حصيلتها القائمة التالية:
١- الفريق أول ركن شمس الدين كباشي – الدلنج.
٢- الفريق خليل باشا سايرين وزير الداخلية – الدلنج.
٣- الدكتور جراهام عبد القادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام ووزير لثلاث دورات – الدلنج.
٤- المهندس محمد كرتكيلا صالح وزير ديوان الحكم الاتحادي – الدلنج.
٥- صديق فريني، مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم والوزير الحالي بها – الدلنج.
٦- الفريق شرطة موسي شرة رئيس هيئة الجوازات والسجل المدني –
الدلنج.
٧- اللواء جمال جمعة قائد الفرقة ١٨ مشاه بالنيل الأبيض- الدلنج.
٨- عمر شيخ الدين مدير عام الأسواق الحرة الحالي ، ووزير الثروة الحيوانية، ثم وزير التخطيط العمراني ، ثم وزير الصحة بالولاية سابقا – الدلنج.
٩- موسى عطرون معتمد اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية- الدلنج.
١٠- اللواء حيدر شرة قائد منطقة جبيت العسكرية – الدلنج.
١١- اللواء الركن قائد سلاح المستودعات- الدلنج.
١٢- اللواء هجانة منتدب من الجيش إلى هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات العامة – الدلنج .
١٣- بثينة دينار وزيرة ديوان الحكم الإتحادى السابقة – الدلنج
١٤- إضافة إلى عشرات المسؤولين في التمثيل الدبلوماسي والهيئات والإدارات والوزارات بالولاية والمركز كلهم من الدلنج الكبري وكادوقلي الكبري!
قائمة تمثيل المنطقة الشرقية ، محليات تلودي ، قدير ، الليري ، أبو جبيهة ، رشاد ، العباسية تقلي ، أبو كرشولا، والتضامن = صفر لا أحد… !!
كان الأخ الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ولا يزال مشرفا سياسيا علي كردفان الكبري فهل هذا العمل تم بمنأي عنه ودون علمه ، فإن كان يعلم فتلك مصيبة ، وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم!!
وهذا النموذج السيء في توزيع السلطة والثروة والتنمية ينطبق علي أجزاء واسعة من السودان ، فأعلم بكل آسف يا سعادة الفريق أول ركن البرهان رئيس الدولة ، والسيد الدكتور كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء ، ومراكز القوة وجماعات الضغط والمصالح الآن تقدم لك قوائم الترشيحات.. وكل أهل السودان الآن سواء في دعم معركة الكرامة إلا خائن عميل مرتزق ، فهل الكفاءة والمؤهلات والنزاهة والأمانة والخبرات والتجارب توجد لدي اثنيات محددة ، وجهات معينة ، أم هذا نتاج الفساد الإداري والسياسي والمحسوبية والرشوة ، وتعميق نموذج القبلية والاثنية والجهوية القذر؟
إن الفاسدين عقدوا الصفقات السرية ألا يدخل مؤسسات الدولة والوظائف الكبري في الدولة الإصلاحيون الأمناء المؤهلون علميا وأخلاقيا لقيادة زمام المبادرة ونهضة البلاد والشعب ، إنهم يتحدثون عن ديمقراطية زائفة.
في الشرقية المظلومة يوجد بها كفاءات وطنية عالية الكعب والتجارب والخبرات مؤهلة أخلاقيا وعلميا ومعرفيا وسياسيا ، وغير مذدوجة الولاء للسودان والخارج ، وقد أوردت في المقال الثاني عددا من أسماء تلك القيادات من أبناء المنطقة الشرقية ، وسوف نتحدث عن تجربة بعضهم ، فهل في السودان أحدا لا يعرف أبشر رفاي ، أو دكتور أبو بكر كوكو ضحية ، وعشرات منهم سنتحدث عن تجاربهم ومؤهلاتهم لاحقا.