
دلالة المصطلح
وقيع الله حمودة شطة
السيد رئيس الوزراء أعد قراءة مقدمة ابن خلدون ..
صدر قرار رئيس الوزراء الأول في تشكيل حكومة الأمل ، وجاء أول الغيث عسكر … فهل للعساكر نظام وللمدنيين فوضي؟
الغيث هو المطر النافع الصالح المبارك ، ولذلك ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة بمعني الرحمة والبركة والخير الواسع ، وعودة الحياة ، أما المطر ، فورد بمعني الهلاك والعذاب والعقاب وشدةالأهوال .
تابع الرأي العام السوداني أمس بداية ظهور تشكيل حكومة الأمل ، التي سيقودها رئيس الوزراء الدكتور كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ، والأمل كلمة جميلة تعني الحلم المشرق، والتطلع الأفضل والأجمل نحو غد مشرق ، يحمل البشريات والآمال العراض لحياة أفضل، ويقابل الأمل بالتضاد الألم ، ورئيس الوزراء يدرك جيدا أن البلاد والشعب السوداني يعيشان في محنة أقل وصف لها، بأنها مرحلة الألم من تاريخ السودان الحديث، نتيجة تداعيات الحرب القاسية المؤلمة في بلادنا، لذلك سمي حكومته القادمة (بحكومة الأمل) أي: بعد الألم ، وهو تصور وتفكير إبداعي، لأن الأصل في عقيدة الإنسان المسلم أن يعيش حياته العامة بين الرجاء والأمل ، ومهما تداعت عليها الأزمات ، وتنادت عليها المصائب، واحاطت به بنات الدهر، وشخصت في وجه الخطوب ،ايقن أن وراء هذه الكوارث والدمار فسحة أخري للحياة الآمنة ، والعيش الكريم ، والسلم الاجتماعي المحلي بالرفاهية، وهذه من سنن وآفاق استخلاف الإنسان في الأرض، لذلك قال الله عز وجل في التنزيل الحكيم ( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ).
إن العسر هنا الألم والمشقة وشظف العيش والمعاناة ، واليسران، اللذان يعقبان العسر الواحد ، هما الأمل والسلم والبلسم والأمان ، والأمن الاجتماعي، والأمن الغذائي ، الذي يبحث عنه أهل السودان في الوقت الحاضر ، وهو لا شك بإذن الله آت ، وهو أيضا من أصول عقيدة المسلم الملتزم ، الظن الحسن في ربه ، وقد بشرنا الله ربنا في حديث قدسي قال عز من قائل ( أنا عند حسن ظن عبدي بي…) .
بشرنا السيد رئيس الوزراء بحكومة الأمل ليس بمجرد المصطلح والاسم ، ولكن لا شك أنه يعني الفعل على الأرض والتفكير المتقدم والابداعي في إدارة شؤون البلاد بعزم وحنكة ومسؤولية وطنية وأخلاقية، تخرج ببلادنا من الحطام إلى العمران.
إن العمران مصطلح حضاري إسلامي وإنساني أصيل في الحضارة الإسلامية والعربية والإنسانية ، عبر عنه العلامة الإسلامي الفذ عبد الرحمن بن خلدون في كتابه يتيم الدنيا ( مقدمة ابن خلدون) الذي ملأ مسامع الدنيا وشغل الناس ، وأي ناس؟ العلماء النوابغ، والباحثين الحاذقين ، فصار أفضل كتاب يدرس في التاريخ وعلم الاجتماع علي مستوي الدنيا بأسرها من ذاك الوقت إلى يومنا هذا ، يدرس في أعرق الجامعات والمعاهد حول العالم .. سمى ابن خلدون ظاهرة البناء والتعمير والتنمية البشرية و إدارة الموارد بالعمران البشري مقابل الخراب والحطام ، ومن هنا ندعو السيد الدكتور كامل إدريس صاحب فكرة الأمل، أن يعيد قراءة مقدمة ابن خلدون ، ويوجه أعضاء حكومته أن يقرأوا مقدمة ابن خلدون… وكثير من أبناء السودان الوطنيين بحاجة اليوم أن يعكفوا على قراءة مقدمة ابن خلدون في التاريخ البشري والعمران ، ليقفوا على حقيقة ، أن الدول تمرض وتنهار وتتلاشي ، ويذهب سلطانها بعد اصابتها بالأمراض والأسقام والنزاعات ، وذهاب عصبية الناس والقيادة ، كما يصاب البشر بالأمراض الفتاكة والوبائيات ، فيموتون وينقرضون.
بدأ أول الغيث في حكومة الأمل بتعيين الفريقين حسن داؤود كبرون كيان ، وبابكر سمرة مصطفي وزيرين للدفاع والداخلية علي التوالي ، وهنا سجل العسكر مرة أخري هدفا جميلا بجملة استراتيجية مدروسة منسقة ومرتبة ومتوافق عليها بسرعة قياسية في مرمي المدنيين الذين في حالة فوضي وغفلة!! وربما تستقبل شباكهم أكثر من هدف مقابل العسكر!
يتحدث بعض الناس عن العسكر بصورة ذهنية نمطية مقلوبة، مظانها أن العساكر لا يفهمون ، (مبرمجون) ، تحت تأثير التعليمات ، لا يفكرون ، حياتهم نمطية في اتجاه واحدة ، لا يفهمون السياسة ، محلهم الثكنات ! وأوصاف كثيرة كثيرة، و للأمانة والتاريخ الذي يتولي كبر هذه الاتهامات الباطلة للعسكر ، هم دعاة العلمانية والسياسيين الذين اتخذوا من السياسة مهنة وسمسرة ، تجد أحدهم فاقد تربوي،أو ممارس سياسة بدون أخلاق ، يقول لك سلموا السلطة المدنيين والعسكر للثكنات ، لكن أيهم أفضل لأهل السودان اليوم في إدارة حرب الكرامة ، وحماية البلاد البرهان وكباشي وياسر وجابر ، أم حمدوك وسلك وعرمان ومريم ؟.
أقول هذا وما أنا بعسكري ، ولست ضد الحكم الديمقراطي المدني السلمي، الذي يضمن إنتقال السلطة سلميا، لكن الواقع اليوم في بلادنا يؤكد أن الثورة إنما قادها مدنيون عملاء ومرتزقة ، وسفهاء أحلام ضد الجيش قبل أن تكون ضد نظام البشير السابق ، وبعد الخراب والدمار يلوذ الشعب اليوم بالجيش وأجهزة الدولة الأمنية والشرطية ، والمشتركة ، والمقاومة الشعبية بعد الله – تعالي- بينما كثير من المدنيين اليوم يهرعون بلعاب سائل على صدورهم للوزارة والاشتشارة والتزلف في حكومة كامل إدريس، لكن أعتقد أن السيد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، رجل دولة ، ورجل الجيش لا يطعنه في خاصرته كما فعل سلك وفلوله ، وهو رجل فكر وتخطيط علمي.
جيش واحد ، شعب واحد ، ووطن واحد .