مقالات الرأي
أخر الأخبار

رأي إعلامي* أ/شاذلي عبدالسلام محمد *التيار المجهول*

*رأي إعلامي*

أ/شاذلي عبدالسلام محمد

*التيار المجهول*

🔹في قلب الظلام الذي لف ولاية نهر النيل خلال الأيام الفائته وبين بيوت العبيدية التي ودعت الكهرباء كما اعتادت في ليال طويلة خرج منزل واحد عن القاعدة ليضاء بكامل طاقته وسط عتمة عامة وذهول جماعي وارتباك منطقي…..

🔹المنزل يعود للمواطن عبدالله حلفاوي أحد سكان منطقة القيزان شمالي بربر وقد شهد لحظة فريدة من نوعها حين عاد إليه التيار الكهربائي في وقت كانت فيه بقية المنازل تغرق في صمت دامس بسبب حالة إطفاء شامل بدأت من مغرب الخميس واستمرت حتى الان حسب ما أكدته مصادر إعلامية وشهود عيان….

🔹الواقعة التي التقطتها عدسات “الحداد ميديا سنتر” لم تمر مرور الكرام إذ كانت المنصة الإعلامية الوحيدة حتى لحظة تحرير هذا العمود التي بادرت إلى نقل الحدث من موقعه بالصوت والصورة وطرحت أمام الرأي العام مادة صحفية لا تخلو من الغرابة والدهشة والتساؤل….

🔹لقد عاد التيار مرة أخرى إلى ذات المنزل عصر الجمعة في تمام الساعة الخامسة واستمر لمدة ساعة كاملة ثم استقر مجددا دون انقطاع كل هذا بينما بقية أحياء العبيدية بل والولاية لا تزال في حالة انقطاع تام والمفاجأة الأدهى أن الفريق الصحفي الذي زار المنزل أكد وفقا لمشاهداته عدم وجود أي مصدر بديل للطاقة لا مولد، لا بطاريات، ولا حتى نظام طاقة شمسية….

🔹القصة في ظاهرها بسيطة لكنها في عمقها معقدة. فماذا يعني أن تضاء كل أنوار منزل واحد في حي يغرق في الظلام؟ هل نحن أمام صدفة كهربائية؟ خلل نادر في الشبكة؟ أم أن هنالك يدا خفية تتلاعب بخارطة التوزيع وتمنح الامتياز في زمن يفترض أن تسود فيه العدالة الخدمية؟…

🔹هذا الحدث يضعنا أمام جملة من الحقائق المؤلمة التي كنا نغض الطرف عنها أو نؤجل مواجهتها تحت ذريعة “الواقع” أو “الضغط على الشبكة” أو “ظروف الحرب” لكنه اليوم يطل علينا بشكل فج، مثير، يستدعي الوقوف لا المرور…..

🔹في ظل الانهيارات المستمرة في الخدمات تبرز مثل هذه الحوادث كجرس إنذار حقيقي لا فقط لفشل الشبكات والبنى التحتية وإنما لغياب الشفافية والعدالة في توزيع ما تبقى من خدمات من الذي يملك قرار الإضاءة في زمن العتمة؟ ومن الذي يحق له أن يتمتع بما حرم منه الجميع؟ وإن لم تكن المسألة بيد بشر فأين التفسير الفني؟ وأين صوت الجهات المختصة؟…..

🔹الأكثر إيلاما أن القضية تحولت بسرعة إلى “مزحة مجتمعية” ونقاشات على مواقع التواصل بين مصدق ومكذب بينما غابت الجهات الرسمية كليا لا بيان توضيحي ولا نفي ولا حتى محاولة لاحتواء الفجوة التي بدأت تتسع بين المواطن ومؤسسات الخدمة…..

🔹عزيزي القارئ لسنا هنا بصدد اتهام أحد لكن من حق الرأي العام أن يعرف هل ما حدث في منزل المواطن حلفاوي هو خلل فني؟ أم أن هنالك برمجة خاصة تمّت دون علم الإدارة؟ وهل هذا التمييز سيتكرر؟ وما الذي يضمن للمواطن في العبيدية أو المكايلاب، أو بربر، أن ينال نصيبه من الكهرباء بعدالة؟..

🔹الأخطر من كل ذلك أن مثل هذه الحوادث حين لا تجد تفسيرا تغذي بيئة الشك وتصنع فجوة ثقة بين الناس ومؤسساتهم فما أسهل أن تتهم الجهة الفنية بالتلاعب أو أحد الأفراد بالنفوذ أو حتى أن تتحول المسألة إلى مادة للتندر والسخرية بدلا من أن تكون حافزا للمراجعة والتصحيح….

🔹الإعلام حين يتابع لا يبحث عن الإثارة بل عن الحقيقة و”الحداد ميديا سنتر” قدمت نموذجا محترما في الرصد يستحق التقدير لكن الدور الآن على الجهات المعنية لتوضيح ما جرى بشفافية وبلغة المواطن قبل أن يصبح التيار في منزل ما مدعاة لغضب في منازل أخرى…..

🔹الي ان نلتقي …..

٢٦ يوليو ٢٠٢٥م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى