
*همس البوادي*
*بين الأمن والوعي.. معركة لا تنتهي*
*✍️سعاد سلامة*
الحملات الأمنية المنعية لمكافحة الجريمة والظواهر السالبة التي نفذتها شرطة محلية شيكان خلال الأسابيع الماضيةأعادت إلى الواجهة حقيقة لا جدال حولها أن بسط الأمن لا يتم إلا عبر حضور قوي للشرطة في الميدان. فالأرقام التي خرجت بها هذه الحملات ليست عابرة أكثر من (90) بلاغاً، وضبط كميات مهولة من الحشيش والذخائر إلى جانب مئات المواتر والمركبات التي استُخدمت في أنشطة إجرامية كل ذلك يعكس عمق الأزمة لكنه في الوقت ذاته يبرهن على يقظة الشرطة وقدرتها على ملاحقة المجرمين وتجفيف منابع الجريمة في اوكارها.
ومع ذلك فإن ما تحقق رغم أهميته يظل جزءاً من معركة أكبر فالحملة الأمنية تستطيع أن توقف المجرم لكنها لا تستطيع وحدها أن تعالج الأسباب التي أفرزت الظاهرة. فالمخدرات لا تنتشر فقط لغياب المراقبة بل لوجود شبكات ترويج تستغل هشاشة الوعي وفجوات التربية وضيق فرص الشباب وكذلك فإن إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات رغم تجريمه قانوناً لا يزال يجد من يبرره اجتماعياً باعتباره مظهراً من مظاهر الفرح.
*إشارة*
هنا يبرز السؤال الجوهري كيف يمكن للحملة أن تتحول من إجراء أمني إلى مشروع مجتمعي شامل؟ الجواب يكمن في أن تتكامل أدوار المؤسسا ت فالأسرة مطالبة بأن تعيدت فعيل دورها التربوي والمدرسة بحاجة إلى أن تجعل التوعية الأمنية جزءاً من مناهجها،والإعلام يتحمل مسؤولية كبرى في فضح مخاطر الظواهر السالبة بدلاً من التعامل معها كتفاصيل اعتيادية أو أخبار عابرة
*فاصلة*
الشرطة وحدها لن تكسب هذه المعركة مهما بلغت شجاعتها وحزمها إنما
يكسبها المجتمع حين يقتنع أن الأمن ليس شأناً حكومياً محضاً بل قضية وجود يومية تمس حياة كل فرد شمال كردفان اليوم أمام فرصة لإعادة صياغة ثقافة التعامل مع السلاح ليس فقط بالقانون بل أيضاً بالتربية والمجتمع .
الغرامات المشددة ومصادرة السلاح كما أشار والي شمال كردفان في قرارا سابق قد تكون رادعاً فعالاً لكنها لن تجتث المشكلة من جذورها ما لم يصحبها وعي مجتمعي حقيقي بأن الأمن ليس ترفاً بل ضرورة حياتية انها لحظة فارقة لا تحتمل التردد التحية للقوات المشاركة في الحملة المنعية لمكافحة الجريمة والظواهر السالبة.
في النهاية ما يجري في *شيكان* هو جرس إنذار لبقية المحليات ورسالة واضحة أن الحرب على الجريمة تحتاج إلى سواعد الجميع والأهم من كل ذلك أن لا تتحول هذه الحملات إلي مواسم أمنية سرعان ما تنطفئ جذوتها بل إلى نهج مستدام تتعاضد فيه الشرطة والمجتمع لقطع الطريق أمام الفوضى والانفلات.
اللهم أمنا في أوطاننا.