
الحكومات السودانية ومتلازمة الفشل.
ما دفعني إلى اختيار هذا العنوان هو استفحال الأزمة الاقتصادية وسوء الأوضاع المعيشية لمعظم المواطنين، بالرغم من اتساع دائرة المناطق المحررة من دنس المليشيا والتقدم الكبير للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى في مختلف جبهات القتال. إلا أن الحكومة المدنية تسير في متوالية عكسية لما تقوم به القوات المسلحة في سبيل صون سيادة البلاد والحفاظ على عزة وكرامة الشعب السوداني.
كتاب “النخب السودانية وإدمان الفشل” للدكتور منصور خالد يسلط الضوء على أزمة الحكم في البلاد. وخلاصة الكتاب أن النخب السودانية تعاني من “إدمان الفشل”، مما يعوق تقدم وتطور السودان، بالرغم من أن هذه النخب مميزة وذات تأثير. ويرى الكاتب أن أسباب الفشل ليست قلة القدرة لدى الأفراد، بل ضعف الرغبة في النجاح والتغيير.
ضعف الإرادة الذي أشار إليه منصور خالد يبدو جليًا للعيان من خلال عدد من الأمثلة القريبة. أولها طريقة تعيين وزراء حكومة “الأمل”، التي لا نزال نأمل أن تحدث اختراقات في تغيير الصورة النمطية المكررة، إذا ما أوفى البروف بتعهداته بإجراء تقييم لأداء وزرائه كل ثلاثة أشهر. لكن الناظر إلى منهج اختيارهم يجد أنه تم وفق موازنات اجتماعية وعسكرية ومناطقية، وهو ذات المنهج القديم.
المثال الثاني: استبشر الشعب السوداني بأن تولي الحكومة معاش الناس أهمية كبيرة، بأن يكون في مقدمة أولوياتها. لكن في كل صباح تشرق شمسه، تسوء الأوضاع المعيشية عما كانت عليه.
المثال الثالث: موضوع الأزمة الاقتصادية وأزمة ارتفاع أسعار السلع بسبب تذبذب أسعار الدولار والمضاربة في العملات. تم تشكيل لجنة اقتصادية ضمت كل الأطراف، واتخذت جملة من القرارات القوية، إلا أنها كالعادة لم تجد حظها من التنفيذ، ولم تبارح مشكلات العملات مكانها قيد أنملة!
غياب ثقافة الاستقالة وعدم الاعتراف بالفشل متلازمة لدى السياسي السوداني، وهذا أيضًا سلوك موروث في الساسة السودانيين.
الخروج من دائرة الفشل والعجز الحالية يحتاج إلى نظام يشجع على التفكير الإيجابي المبدع، إن كنا نرغب في الانتقال من محطة “الأمة الفاشلة” إلى مصاف الأمم الناجحة. ولا أظن أن النادي السوداني بشخوصه الذين يتصدرون المشهد الحالي قادر على تحقيق ذلك الانتقال المأمول.
ودعتكم الله.