مقالات الرأي

انتهى المشهد! رشان أوشي

انتهى المشهد!
رشان أوشي

انتهى المشهد، وينبغي على الرئيس “البرهان” إنقاذ ما تبقّى من الدولة، وتعيين السفير “دفع الله الحاج” رئيساً للوزراء؛ رجل قوي خرج من رحم المؤسسات الوطنية، عليمٌ باليوم الحالي مبتداه ومنتهاه، والسماح للدكتور “كامل إدريس” بالعودة إلى حياته الهادئة على ضفاف “الراين” في سويسرا.

اكسب الوقت، سيدي الرئيس، فلم يعد بمقدور السودانيين الانتظار أكثر. حقل التجارب قد نضب معينه، وانتظار الحلول من المجهول لم يعد مخرجاً مناسباً من الأزمات التي تتراكم كل يوم.

لم يكن مقدّراً للتفاؤل الذي عاشته بلادنا في ضوء مُهدّئات تشكيل “حكومة الأمل” أن يستمر إلى الأبد. كان من الصعب على الجميع الإقرار بأنّ خطوط التماس القائمة بين مراكز القوى قدرٌ لا يمكن تغييره، وكان واضحاً أن بلادنا أسيرةُ حروبٍ أكبر منها، وأنّ تغييرَ خطوط التماس يصطدم أيضاً بكبار اللاعبين على الساحة.

مبدئياً، بالنسبة للسيد رئيس الوزراء “د. كامل إدريس”، الطموح مطلوب وهو شرط للارتقاء والتقدّم. فمن منّا ليس لديه طموح يسعى لتحقيقه بما هو متاح له؟ لكن ما بعد هذا المبدأ أشبه بحقلٍ من الطمي، لا بد أن تكون للواحد منّا خريطة طريق تقيه التعثّر والسقوط.

صعد “د. كامل إدريس” منذ اليوم الأول لولايته إلى مقعد القيادة في السودان محمّلاً بخطاب إصلاحي ركّز على إعادة هيبة الدولة وبناء مؤسسات قادرة على تجاوز أزمات الحرب والاقتصاد. لكن سرعان ما تبيّن أنّ أدوات التنفيذ غائبة، وأن الخطاب ظلّ حبيس المنابر والبيانات. لم يلمس الشارع السوداني تغييراً ملموساً في حياته اليومية؛ فالأزمات المعيشية تفاقمت، والاقتصاد ظلّ يتهاوى، فيما بقيت الدولة في حالة انقسام وفوضى.

طيلة أربعة أشهر هي عمر “حكومة الأمل”، انتظر الشعب السوداني بصبر نافد أن يقدّم الدكتور “كامل إدريس” الإجابات والتوقّعات التي تساعده على حسم مصيره، لكنه وجد رئيس الوزراء غارقاً في ضباب كثيف، ولمس أنّ الأسئلة أكثر بما لا يُقاس من أنصاف الإجابات.

داخل الحكومة نفسها، تعدّدت الولاءات وتضاربت الرؤى بين الوزراء، ما جعلها تبدو وكأنها ائتلاف هشّ بلا قيادة فعلية. غابت الأولويات، وبدلاً من تقديم حلول عملية لأزمات الكهرباء والصحة والتعليم، غرقت الحكومة في صراعاتها البيروقراطية.

وعلى الصعيد الدولي، فشل رئيس الوزراء “د. كامل إدريس” في استثمار علاقاته الدبلوماسية الواسعة (بحسب ما ورد في سيرته الذاتية)، فالمجتمع الدولي بقي متردداً في دعمه بسبب غياب رؤية واضحة وبرنامج إصلاحي متماسك. حتى محاولاته لفتح قنوات مع الخليج والغرب اصطدمت بعدم ثقة هذه القوى في قدرة حكومته على الصمود وسط عاصفة الداخل.

خير شاهد: رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى