مقالات الرأي
أخر الأخبار

لا لاحتكار السودان… نعم للكفاءة الوطنية لماذا الهجوم على سفير السودان ببروكسل ومن المستفيد؟

لا لاحتكار السودان… نعم للكفاءة الوطنية لماذا الهجوم على سفير السودان ببروكسل ومن المستفيد

ما يحدث هذه الأيام من استهدافٍ واضحٍ ومقصود للسفير السوداني في بلجيكا، ليس مجرد نقاشٍ عابر حول منصبٍ دبلوماسي أو فترةٍ تم تمديدها، بل هو وجهٌ آخر من وجوه العقلية القديمة التي حكمت السودان بعقلية الإقصاء والاحتكار، عقلية لا ترى في هذا الوطن الكبير إلا نفسها، ولا تعترف بغيرها مكوّنًا أو كفاءة.

منشورات متكررة، تساؤلات ظاهرها بريء، وباطنها الطعن في رجلٍ قضى سنوات في تمثيل السودان تمثيلًا مشرّفًا، حمل اسم الوطن في المحافل الدولية، وعمل بعقلٍ استراتيجي، وفهمٍ دبلوماسي، وإخلاصٍ وطني نادر. كل هذه الحملات لا تنبع من حرصٍ على المصلحة العامة، بل من خوفٍ دفين من أن تنكسر دائرة الاحتكار التي ظلّت لعقود تحكم وزارة الخارجية وسائر مؤسسات الدولة.

أولئك الذين يرون في الدولة ملكية خاصة لمكوّن واحد، يرتعدون حين يرون سفيرًا من جبال النوبة أو من أي منطقة خارج دوائر الامتياز التاريخي يتقدم الصفوف. لأن وجوده ببساطة ينسف أسطورة “نحن فقط المؤهلون”، ويثبت أن السودان غني بالكفاءات من كل مناطقه. ولهذا يسعون إلى تشويهه، والتقليل من إنجازاته، وفتح أبواب التساؤلات المصطنعة حول تمديد فترته.

السفير الذي يُستهدف اليوم لم يهبط بالباراشوت، ولم يأتِ بصفقة خلف الكواليس، بل فرض نفسه بكفاءته، وبقدرته على تمثيل السودان تمثيلًا يليق بدولة محترمة. من العار أن يُهاجم بهذا الشكل فقط لأنه لا ينتمي إلى “النهر والبحر”، إلى تلك النخبة التي تعتبر نفسها الوريثة الحصرية لمؤسسات الدولة.

إن التمديد له لم يكن مكافأة شخصية، بل كان إقرارًا ضمنيًا من الدولة بكفاءته وبحاجة البلاد إلى وجوده في هذا الموقع. ومن المثير للسخرية أن من فشلوا في حماية السودان من الانقسامات والحروب، ومن أوصلوه إلى أزماته المتلاحقة، يتحدثون اليوم عن “الاستحقاق” وكأنهم أوصياء على الوطن.

أيها المتشبثون بمقاعدكم التاريخية…
السودان ليس لكم وحدكم.
الخارجية ليست إرثًا تتوارثونه جيلاً بعد جيل.
والدولة ليست مزرعةً لتوزيع المناصب على الأقارب والجهويات.

إن هذا الوطن أكبر منكم جميعًا، وأغنى بكفاءاته من كل الجهات. محاولاتكم المستمرة لإقصاء أبناء الهامش، وتشويه رموزهم، لن تنجح بعد اليوم. لأن الصوت الوطني الحر بدأ يتكلم، وبدأ يكشف ألاعيبكم المكررة التي عفا عليها الزمن.

السفير الذي تحاولون إسقاطه، لا يحتاج إلى دفاعٍ شخصي بقدر ما يحتاج الوطن إلى الدفاع عن مبدأ العدالة والتمثيل المتكافئ. الدفاع عنه هو دفاع عن فكرة أن السودان لكل أبنائه، لا لفئةٍ صغيرة تظن أنها مركز الكون.

لقد انتهى زمن احتكار الدولة، وبدأ زمن المكاشفة والمواجهة. والرسالة واضحة:
لن نسكت على تشويه الشرفاء.
ولن نسمح بأن تُختطف مؤسسات الدولة مرة أخرى باسم الامتياز التاريخي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى