الأخبار
أخر الأخبار

الصابونابي : قرية أنارتها الكرامة بعد أن أطفأتها الدولة

الصابونابي : قرية أنارتها الكرامة بعد أن أطفأتها الدولة

إنها ليست حكاية محوّل كهربائي إحترق ، بل مأساة وملاهاة وطن إحترقت فيه مؤسسات الدولة ، وغابت فيه المسؤولية ، وبقي فيه الامل يشتعل على أيدي الفقراء ، وطن صار فيه الطريق الى الضوء او قل الى الكهرباء يمر عبر الكرامة لا عبر الوزارة !!! .
الصابونابي قرية ترقد في أمان ربها ، تتوسد الضفة الغربية للنيل الأزق ، جنوب شرق مثلث حمدي الشهير ، إحترق فيها المحوّل لكهربائي ذات مساء خريف كئيب ، فغرقت القرية في ظلام طويل ، ظلام لم يكن فقط غياب الضوء ، بل كان غياب الدولة ايضا . إتصل المواطنين الطيبين الذين ما زالوا يظنون أن الدولة تسمع ، ولكن لا يحياة لمن تنادي !! . والوقت يمر ..اسبوع…اسبوعين….ثلاثة… شهر ….شهرين …..حتى صار الليلة عادة ، والعتمة جزء من أثاث البيوت .
حينها إجتمع فتية القرية على ضوء فانوس قديم يتداولون أخبار وطن لا يتداولهم ، جمعوا ما لديهم من جنيهات قليلة ليشتروا النور من جيوبهم الفارغة ، فالصابونابي رغم غنى نفوس اهلها إلاّ أنها خارجة منذ شهور قليلة من حرب المهانة التي طالتها نهبا وخرابا ، لكن المحوّل كان قد لفظ أنفاسه الاخيرة ، فلا أمل في إصلاحه ، فزادت عتمة النفوس ، وطال اليأس والبؤس كل شئ .
وهنا نزلت المعجزة في هيئة رجل من لحم وولاية روحية ، خليفة الشيخ الصابونابي شيخ مصطفى الشيخ محمد الصابونابي ، الذي تحرك وسعى حيث عجزت الدولة ، ونادى ودعى حين صمت المسؤولون ، جاء بالمحوّل الاكبر سعة وحجما لا كهدية رسمية بل كصدقة جارية على روح الاهمال والبيروقراطية السودانية الراحلة!!
وحين وصل المحوّل القرية ، خرج الناس عن بكرة أبيهم كما لو أن الفجر نزل اليهم ضيفا ، الاطفال يركضون في الدروب الضيقة يرددون النشيد الوطني ، والنساء يزغردن ، والرجال يقفون مشدوهين وقد إترورقت أعيونهم البائسة بالدم والدموع .
نعم لقد عاد الضوء لا بقرار وزاري ، ولا بخطة تنمية ، بل بجهد الأهالي وبركة الشيخ .
والمفارقة الكبرى التي ربما لا يعرفها الكثيرون ، أن قرية الصابونابي على بعد كيلومترات قليلة من عاصمة ولاية سنار (سنجة) ، التي يوجد فيها الوالي وكافة اعضاء حكومته خاصة وزير البنية التحتية والتخطيط العمراني !!! وتقع بين محليتين (محلية سنجة ومحلية ابوحجار) ، والسد العظيم الذي يوزع النور في ارجاء البلاد (سد الرصيرص) ليس بعيدا عنهم ، يسمعون هديره ولكن اسلاكه لا تسمع أنينهم في العتمة !!! .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى