عبد اللطيف السيدح يكتب: وزير الشؤون الدينية والأوقاف يجمد نشاط الأمين العام للحج والعمرة الأمين العام الجديد لـ(ألوان): لن أتوقف عن أداء أعمالي إلا بتوجيه من رئيس الوزراء

عبد اللطيف السيدح يكتب:
وزير الشؤون الدينية والأوقاف يجمد نشاط الأمين العام للحج والعمرة
الأمين العام الجديد لـ(ألوان): لن أتوقف عن أداء أعمالي إلا بتوجيه من رئيس الوزراء
في الوقت الذي كانت فيه قطاعات واسعة من السودانيين تتطلع لالتقاط الأنفاس بعد سلسلة من الإخفاقات الإدارية التي ضربت ملف الحج والعمرة خلال الأشهر الماضية وبعد وصول الأمين العام الجديد عبد الله سعيد لمنصبه بقرار من فخامة رئيس مجلس الوزراء، انفجرت أزمة جديدة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تعكس حالة من الصراع المكتوم وأحياناً المعلن داخل جسد الدولة التنفيذية.
فبعد أيام من إصدار قرار تعيينه شرع الأمين العام الأستاذ عبد الله السعيد في ترتيب أعمال بيت الحج والحجاج بحكم أنه رئيسٌ لحجاج السودان، ووفقاً للسلطات التنفيذية الممنوحة له بالقانون، وأثناء عمليات التسليم والتسلم خرج وزير الشؤون الدينية والأوقاف بشير هارون عبد الكريم بقرار مفاجئ يقضي بتجميد نشاط الأمين العام الجديد، في خطوة بدت وكأنها امتداد لصراع طويل حول النفوذ داخل واحد من أهم الملفات الحيوية في السودان.
وهذه الأزمة لم تكن مجرد خلاف إداري، بل كانت رسالة واضحة مفادها أن هناك جهات ما تزال ترغب في التحكم بملف الحج والعمرة مهما كانت القرارات الصادرة من أعلى مستويات الدولة.
لماذا قرار التجميد؟
تفيد متابعات (ألوان) أن قرار الوزير بتجميد نشاط الأمين العام الجديد جاء قبل ساعات فقط من عملية الاستلام والتسلم التي من المفترض أن تتم بين الأمين العام السابق الأستاذ سامي الرشيد، والأستاذ عبد الله السعيد والتي من المفترض أن تكون قد انتهت بانتهاء اليوم الخميس. وتفيد معلومات (ألوان) أن جهات نافذة في مكة المكرمة قد شرعت قبل وصول الأمين العام لاستلام مهامه في إخلاء مكتب حجاج السودان في حي النسيم بالعاصمة المقدسة، وتم سحب الملفات والمكاتب، وإخطار الموظفين وأسرهم بالإخلاء قبل نهاية نوفمبر.
وما إن أوقف الأمين العام هذا الإجراء حفاظاً على المؤسسة، حتى جاء قرار التجميد لنشاط الأمين العام من قبل الوزير المتواجد حالياً في المملكة العربية السعودية منذ انطلاق أعمال مؤتمر الحج والعمرة ولم يعد حتى الآن، وبقرار التجميد عادت المنازعات مرة أخرى إلى نقطة الصفر.
ملامح الصراع: صلاحيات أم نفوذ؟
وبحسب القانون، فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة يخضع لسلطة رئيس الوزراء مباشرة، ويبدو أن الوزير ينظر للملف باعتباره امتداداً لنفوذه المباشر لا باعتباره مؤسسة مستقلة لها شخصيتها الاعتبارية. وهذا ما يفسر التدخل المباشر في قرارات الأمين العام رغم عدم وجود سند قانوني يسمح له بذلك.
والنتيجة الآن: حالة شلل إداري كامل ستربك الاستعدادات لموسم حج 1447هـ.
وتشير الأحداث إلى أن مكتب حجاج السودان في مكة المكرمة هو محور الصراع. فالمكتب يُعد:
1/ مركز اتصال مباشر مع الجهات ذات العلاقة بالحج في المملكة العربية السعودية.
2/ إدارة طوارئ موسمية.
3/ مقر الخدمات اللوجستية للحملات.
4/ مستودعاً للملفات الرسمية والمعاملات الحساسة.
علماً بأن جميع بعثات الحج في العالمين العربي والإسلامي لها مكاتب تنسيق في مكة المكرمة وهي ضرورية جداً لقربها من مناطق الحج ولأن السلطات السعودية لا تسمح بالدخول والخروج من مكة المكرمة إلا للذين يحملون تصاريح الحج.
وإغلاق مكتب شؤون حجاج السودان وبهذه الطريقة يعني شللاً كاملاً لمنظومة الحج، ولذلك أوقف الأمين العام الجديد الإجراء فوراً، ليأتي قرار تجميد نشاطه ويعطي الجهات التي ترغب في الإغلاق فرصة جديدة للتحرك.
تأثيرات القرار على موسم الحج 1447هـ
منذ أربعة أشهر فإن الموظفين عالقون بين تعليمات الأمين العام السابق والحالي، وبين القرارات المضادة التي تأتي بتوقيع الوزير.
وفي ظل غياب الأمين العام ذي الصلاحيات الكاملة توقفت التعاقدات وكل حزم الخدمات كالإسكان، والإطعام، والنقل، والموسم مهدد بالإلغاء.
اهتزاز الثقة مع الجهات ذات العلاقة بالحج. وأكد مراقبون أن الأمر بالغ الخطورة في ملف حساس مثل الحج لأنه عمل يشير إلى إضعاف صورة الحكومة.
تعليق الأمين العام عبد الله السعيد على قرار التجميد
وفي أول تعليق له على قرار تجميد نشاطه، قال الأمين العام الأستاذ عبد الله السعيد لـ(ألوان):
أنا مكلّف من فخامة رئيس الوزراء مباشرة، وصلاحياتي واضحة بحكم القانون. قرار التجميد كان صادماً وغير مبرر، ويضع مشروعية تعييني على المحك، ويعرض موسم الحج لخطر حقيقي. مضيفاً أن التدخل في قراراته التنفيذية يربك العمل ويهدد الاستقرار المؤسسي المطلوب لإنجاح موسم حج 1447. وإذا لم تُحترم القرارات العليا، فلن يكون هناك عمل إداري منضبط، مؤكداً أنه مستمر في أداء مهامه إلى حين صدور توجيه رسمي من رئيس الوزراء نفسه.
الذي يحدث في ملف الحج والعمرة: تمرّد إداري أم صراع نفوذ؟
ويرى مراقبون أن ما يحدث الآن في ملف الحج ليس ساحة صراع، ولا شأناً داخلياً، بل قضية تمس كل حاج سوداني. مشيرين إلى أن ملف الحج والعمرة ليس مجالاً للمزايدات السياسية ولا الصراعات الجانبية لأنه ملف يمس مئات الآلاف من الأسر السودانية التي تنتظر خدمة محترمة ومنظومة منضبطة. وأكدوا أن ملف الحج والعمرة يجب أن يُدار بالعقل لا بالصراع، بالقانون لا بالنفوذ، وبالمصلحة العامة لا بالحسابات الشخصية. وقال المراقبون إن الأزمة الحالية اختبار حقيقي للمؤسسية داخل حكومة الأمل.
إلى أين تتجه الأزمة؟
السيناريو الأول:
تدخل رئيس الوزراء مباشرة. وهو الأكثر منطقية، وقد يعيد الأمور إلى نصابها فوراً.
السيناريو الثاني:
استمرار الشلل الإداري، ما يعني موسماً مرتبكاً وربما كارثياً.
السيناريو الثالث:
انفجار الصراع داخل أروقة الحكومة، وهو السيناريو الأخطر على الإطلاق.



