رياضة
أخر الأخبار

الهلال السوداني بين العقوبات ومعايير الكاف المزدوجة

الهلال السوداني بين العقوبات ومعايير الكاف المزدوجة

بقلم / عبد الكريم ابراهيم
في عالم كرة القدم، لا تقتصر المنافسة على المستطيل الأخضر فحسب، بل تمتد إلى كواليس الاتحادات واللجان المنظمة، حيث تُصاغ القرارات التي قد تصنع الفارق بين العدالة والانحياز. وفي القارة السمراء، يجد نادي الهلال السوداني نفسه مرارًا وتكرارًا في مواجهة قرارات تأديبية تثير الكثير من الجدل، وتطرح تساؤلات مشروعة حول مدى حيادية الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) في تعامله مع الأندية المختلفة. فهل أصبح الهلال ضحية دائمة لسياسات الكيل بمكيالين؟
الهلال السوداني وجماهيره يعيشون حالة من الغضب والاحتقان إثر القرارات الأخيرة التي أصدرتها لجنة الانضباط بالكاف عقب مباراته أمام مولودية الجزائر في كيغالي. فقد جاءت العقوبات قاسية، شملت إيقاف المهاجم جان كلود لثلاث مباريات، وإيقاف محلل الأداء وليد شرشاري، إلى جانب فرض غرامات مالية. في المقابل، لم تُعلن أي عقوبات مباشرة بحق جماهير المولودية المعتدية على جماهير الهلال ، رغم أن الأحداث التي وقعت كانت مشتركة بين الطرفين. هذا التباين في التعامل ليس جديدًا على الهلال، بل يعكس نمطًا متكررًا من القرارات المجحفة التي اعتاد النادي على مواجهتها عبر السنوات.
ما يزيد من حدة الاستياء أن هذه ليست المرة الأولى التي يشعر فيها الهلال بالظلم. ففي مباراة الأهلي المصري عام 2023، فُرضت عليه عقوبات صارمة شملت حرمان جماهيره من حضور أربع مباريات، وإيقاف طبيب الفريق، بالإضافة إلى غرامات مالية، بينما اكتفى الكاف بتغريم الأهلي ماليًا دون اتخاذ إجراءات مماثلة بحق لاعبيه أو جماهيره. وفي مواجهة الترجي التونسي عام 2019، تعرض الهلال لعقوبات مالية وإدارية أشد رغم أن الأحداث كانت متبادلة، وكذلك الحال في مواجهاته مع صن داونز الجنوب أفريقي، حيث سارع الكاف لمعاقبة الهلال بسبب تجاوزات جماهيرية، بينما لم تُفرض عقوبات مماثلة على الفريق الجنوب أفريقي رغم وقوع مخالفات مشابهة.
هذا التفاوت في العقوبات يسلط الضوء على ازدواجية المعايير داخل أروقة الكاف، حيث يُعاقب الهلال بعقوبات رياضية مباشرة تؤثر على مسيرته في البطولة، مثل إيقاف اللاعبين وحرمان الجماهير، في حين تُكتفى العقوبات المالية بحق منافسيه، وهي أقل تأثيرًا على الأداء الفني. وتتعدد أسباب هذا التباين، منها النفوذ الكبير الذي تتمتع به بعض الأندية الكبرى داخل الكاف، والاعتماد المفرط على تقارير الحكام والمراقبين التي غالبًا ما تُحمّل الهلال المسؤولية الأكبر، فضلًا عن الضغط الإعلامي والجماهيري الذي يحمي الأندية ذات الصوت الإعلامي القوي. كما تلعب السوابق التاريخية دورًا في تصنيف الهلال كمخالف، إلى جانب البعد السياسي والتنظيمي الذي يدفع الكاف لتجنب معاقبة الأندية ذات الثقل حفاظًا على صورة البطولة أمام الرعاة والشركاء.
في ظل هذا الواقع، لم يعد الصمت خيارًا متاحًا للهلال. بل بات من الضروري اتخاذ خطوات عملية للدفاع عن حقوقه، تبدأ باللجوء القانوني عبر لجنة الاستئناف بالكاف، ثم محكمة التحكيم الرياضية (CAS)، مرورًا بتعزيز الحضور الإعلامي لتوضيح الموقف للرأي العام الأفريقي، والضغط عبر الاتحاد السوداني لكرة القدم وتنسيق المواقف مع اتحادات أخرى متضررة، وصولًا إلى تحسين التنظيم الداخلي وضبط الجماهير واللاعبين لتقليل فرص العقوبات، وبناء تحالفات داخل الكاف لكسب نفوذ سياسي ورياضي أكبر.
إن جماهير الهلال لا تطالب بامتيازات استثنائية، بل تنشد العدالة والإنصاف في ساحة يفترض أن تُدار بقواعد موحدة لا تميّز بين نادٍ وآخر. فازدواجية المعايير التي يمارسها الكاف لا تهدد فقط مسيرة الهلال، بل تمسّ نزاهة المنافسة القارية برمتها، وتضعف ثقة الجماهير في الاتحاد القاري. لقد آن الأوان أن يرفع الهلال صوته عاليًا، قانونيًا وإعلاميًا وتنظيميًا، ليكسر حلقة الظلم المتكرر، ويؤكد أن كرة القدم الأفريقية لا يمكن أن تُدار بموازين القوى وحدها، بل بالعدل والحياد والشفافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى