مقالات الرأي

عودة البنك الدولي إلى السودان أمل.. أم ألم بقلم د. إسماعيل الحكيم*

*عودة البنك الدولي إلى السودان أمل.. أم ألم بقلم د. إسماعيل الحكيم*
Elhakeem.1973@gmail.com
تتجلّى عودة البنك الدولي إلى السودان كحدث اقتصادي وسياسي بالغ الدلالة، حيث يفتح ذلك نافذة جديدة نحو إعادة الإعمار واستعادة عافية الاقتصاد الوطني بعد حرب الكرامة. فهي عودة تتجاوز حدود التمويل إلى معنى الشراكة الدولية، والدعم المؤسسي، واعتراف العالم بحتمية مساندة السودان في رحلته نحو التعافي.
فالبنك الدولي مؤسسة دولية كبرى تُعنى بدعم الدول النامية عبر التمويل، والخبرة الفنية، وبناء القدرات. ترتكز رسالته على هدفين رئيسيين:
– القضاء على الفقر.
– تعزيز الرخاء المشترك ورفع دخول الفئات الدنيا.
وتتنوّع أدواته بين المنح، والقروض الميسّرة منخفضة أو معدومة الفائدة، والمساعدات الفنية، والبحوث، والإصلاح المؤسسي. ويتميّز البنك الدولي بأن تمويله لا يقتصر على المال، بل يشمل المعرفة والتخطيط والإشراف، مما يجعل مشروعاته أكثر استدامة وتأثيرًا.
إن عودة البنك الدولي للسودان بل جاءت على إثر خطوات إصلاحية كبيرة مكّنت السودان من تصفية متأخراته واستعادة قدرته على تلقي التمويل التنموي. وقد فتحت العودة الباب أمام مليارات الدولارات من الدعم، أبرزها:
1. تمكين السودان من الحصول على تمويلات جديدة بعد سداده لمتأخراته أعاد الثقة الدولية وسمح بدخول تمويلات كان البلد محرومًا منها لسنوات.

2. إطلاق برامج دعم مباشرة للمواطنين مثل البرامج النقدية وشبكات الأمان الاجتماعي، التي خفّفت آثار النزوح والدمار ووفّرت دعمًا مباشرًا للأسر الأشد تضررًا.
3. تمويل مشروعات البنية التحتية الحيوية مثل مشروعات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والمياه، والصرف الصحي، والخدمات الصحية والتعليمية، بما في ذلك مشروعات تعزّز صمود المجتمعات في مناطق النزاع.
4. إدماج السودان في مبادرة إعفاء الديون (HIPC) وهو مسار طويل المدى يخفّف عبء الديون ويعيد للدولة مساحة مالية يمكن توجيهها للخدمات العامة والتنمية.
إن حرب الكرامة ما كانت حدثاَ عسكرياَ منفصلاَ بل زلزال اقتصادي واجتماعي دمّر البنى التحتية، وقطع سلاسل الإمداد، وشرّد الملايين. ووسط هذا الخراب، تبرز اهمية برامج البنك الدولي كركيزة لإنعاش الحياة والمتمثل في :
– إعادة بناء الخدمات الأساسية التي يفتقدها المواطن من صحة وتعليم وكهرباء..
– تأهيل المجتمعات المتضررة عبر توفير الموارد الزراعية ودعم سُبل العيش.
– خلق فرص عمل من خلال تنشيط القطاع الخاص وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
– تعزيز الاقتصاد الكلي عبر إعادة السودان للنظام المالي الدولي وفتح الباب أمام الاستثمار الخارجي.
إن عودة البنك الدولي ليست عودة مساعدات إنسانية فحسب إنما هي حجر الأساس لعودة الثقة في الاقتصاد السوداني.
إن الدعم الذي حصل عليه السودان جاء في ثلاث صور:
1. منح كاملة خصصت للمشروعات الإنسانية والتنموية الطارئة.
2. قروض ميسّرة جدًا تكاد تكون بلا فوائد، وهي موجهة للدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض.
3. قرض مرحلي مؤقت استخدم فقط لتسوية المتأخرات، وتم سداده فورًا عبر تمويل من البنك نفسه، وليس عبئًا طويل المدى على السودان.
بمعنى آخر: الجزء الأكبر من الدعم كان منحًا أو تمويلاً ميسرًا لا يشكل عبئًا على الموازنة العامة.
إذن إن عودة البنك الدولي إلى السودان بعد حرب الكرامة ما كانت خطوة تقنية، بل علامة أمل. فالتنمية لا تُمنح وإنما تُصنع، والدعم الدولي لا يؤتي ثماره إلا حين يقترن بالإدارة الرشيدة والحوكمة والشفافية.
اليوم، يقف السودان على أعتاب مرحلة جديدة يمكن أن تتحول إلى نهضة حقيقية إذا تم استثمار التمويلات والمشروعات بالشكل الأمثل، وتوجيهها لمحاور الاستقرار والإعمار والتنمية. إنها فرصة تاريخية لبعث الحياة من تحت الركام، وبناء اقتصادٍ قادر، ومجتمعاتٍ تنمو رغم الجراح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى