امتحانات الشهادة السودانية.. عدالة التعليم في وطن مقسم بين الحرب والاستقرار ✍🏿…. زكي شيكو

امتحانات الشهادة السودانية.. عدالة التعليم في وطن مقسم بين الحرب والاستقرار
✍🏿…. زكي شيكو
في ظل الحرب التي تمزق العاصمة القومية وبعض ولايات السودان، يُطرح سؤال كبير حول عدالة امتحانات الشهادة السودانية، التي تُعد بمثابة الحلم الأكبر لآلاف الطلاب في البلاد. بينما تستعد ولايات الشمال والوسط والشرق لاستضافة هذه الامتحانات في ظل ظروف مستقرة نسبيًا، يواجه الطلاب في اقليم جبال النوبه ودارفور العاصمة الخرطوم والولايات التي وقعت تحت سيطرة الدم السريع واقعًا مغايرًا تمامًا.
العاصمة وأقاليم الحرب: وجه آخر للأزمة
أصبحت العاصمة القومية الخرطوم ميدانًا للحرب، وتحولت من مركز القوة إلى ساحة نزوح ودمار. مع سقوط مناطق واسعة من العاصمة وبعض الولايات الآخر مد في يد قوات الدم السريع، بات التعليم تحديًا كبيرًا، ليس فقط بسبب انعدام الأمن، ولكن بسبب انهيار البنية التحتية التعليمية بالكامل.
الطلاب في هذه المناطق يعيشون في ظروف مأساوية: مدارس مغلقة أو مدمرة، نزوح متواصل، غياب المعلمين، وانعدام أي استقرار نفسي أو أكاديمي. في المقابل، يتمتع طلاب ولايات الشمال والوسط والشرق، مثل بورسودان، عطبرة، وكسلا، بفرص أفضل للإعداد للامتحانات، مما يُظهر فجوة كبيرة في تكافؤ الفرص.
امتحانات الشهادة.. عدالة منقوصة
في هذا السياق، تُصبح امتحانات الشهادة السودانية هذا العام أكثر تعقيدًا، إذ أن الظروف تختلف بشكل جذري بين الطلاب في المناطق المستقرة وأولئك في مناطق الحرب أو النزاع.
طلاب الخرطوم وولايات الدم السريع: يعيش هؤلاء الطلاب في ظروف بالغة السوء، حيث أصبح التعليم آخر أولوياتهم وسط النزوح والخوف من القصف والانتهاكات.
طلاب الولايات المستقرة: يتمتع هؤلاء الطلاب ببيئة أكثر أمانًا، مما يمنحهم فرصة للاستعداد بشكل أفضل للامتحانات.
هذا الوضع يطرح سؤالًا جوهريًا: هل يُمكن اعتبار امتحانات هذا العام معيارًا عادلًا لمستقبل الطلاب في وطن يعيش واقعًا متناقضًا؟
الحكومة والمسؤولية التاريخية
إن استمرار جدلية الهامش والمركز، حتى في ظل هذه الظروف، يُظهر ضعفًا في أداء الدولة. على الحكومة السودانية، من السيادة إلى الوزراء، أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه جميع الطلاب، بغض النظر عن أماكن وجودهم.
وزارة التربية والتعليم: يجب أن تعمل على توفير بدائل مبتكرة مثل تنظيم امتحانات خاصة في مناطق النزوح أو إنشاء مراكز امتحانات مؤقتة بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
دور السيادة: على المجلس السيادي أن يُقدم ضمانات حقيقية لسلامة الطلاب وتأمين امتحاناتهم في كل المناطق، بما في ذلك تلك التي تخضع لسيطرة الدم السريع.
التنسيق مع المجتمع الدولي: يمكن للحكومة السودانية الاستفادة من دعم المؤسسات الدولية لضمان حق الطلاب في التعليم.
طلاب الحرب.. أحلام في مواجهة المستحيل
طلاب المناطق التي سقطت في يد الدم السريع يعيشون حالة من الإحباط والضياع. ومع ذلك، يظل الأمل حاضرًا في قلوبهم. هؤلاء الطلاب هم ضحية صراع لم يختاروه، ويحتاجون إلى دعم استثنائي، ليس فقط لتجاوز الامتحانات، ولكن لاستعادة ثقتهم في الدولة.
نحو رؤية عادلة
يجب أن تتحول امتحانات الشهادة السودانية من اختبار أكاديمي إلى فرصة لإظهار التزام الحكومة بمبادئ العدالة. لن يكون ذلك ممكنًا إلا من خلال اتخاذ خطوات جادة لضمان حقوق كل طالب سوداني، بغض النظر عن مكان وجوده.
إنشاء مراكز امتحانات بديلة: في ولايات قريبة من مناطق النزاع لتأمين الطلاب.
إطلاق مبادرات دعم نفسي وأكاديمي: لتعويض طلاب المناطق المتضررة عن الانقطاع الدراسي.
ضمان أمن الامتحانات: من خلال التنسيق مع القوات النظامية لضمان سلامة مراكز الامتحانات.
خاتمة: عدالة التعليم.. مفتاح المستقبل
إن امتحانات الشهادة السودانية ليست مجرد حدث أكاديمي، بل هي مرآة تعكس عدالة الدولة وحرصها على مستقبل أبنائها. يجب أن تُثبت الحكومة السودانية أنها قادرة على تجاوز صراعات الحاضر ومرارات الماضي، وأنها ملتزمة ببناء وطن يضمن المساواة لكل مواطنيه.
السودان اليوم بحاجة إلى رؤية وطنية شاملة تُعيد بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها. ولن يكون ذلك ممكنًا إلا إذا شعر كل طالب سوداني، سواء كان في بورسودان أو الخرطوم أو أي منطقة أخرى، بأنه يتمتع بفرص متساوية لتحقيق أحلامه، رغم كل التحديات.