مقالات الرأي
أخر الأخبار

حدود المنطق الفريق كباشي، أما آن لهذا الاستهداف أن يتوقف؟ إسماعيل جبريل تيسو

حدود المنطق

الفريق كباشي، أما آن لهذا الاستهداف أن يتوقف؟

إسماعيل جبريل تيسو

 

ويرتفع حاجب الدهشة مثنى وثلاثَ ورباع، كلما شاهدتُ تصريحاً أو قرأتُ تعليقاً أو تلميحاً، يحاول النيل من الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الانتقالي ونائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، سواءاً بتوجيه سهام الأباطيل أو بنشر الأكاذيب ومحاولات التضليل أو بالاستمرار الغبي في محاولات تغبيش وعي الرأي العام، بتكثيف حملات استهداف الرجل واجتهادات شيطنته وقتل شخصيته تمهيداً لإبعاده عن المشهد الذي يمثل فيه رمانة الميزان، والركيزة الأساسية التي يقوم عليها بناء دولة سودان ما بعد الحرب، مثلما كان الكباشي نفسه رقماً صعباً في سودان ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة.

 

لم تكن تسريبات مفاوضات المنامة السرية، هي المرة الأولى التي يُستهدف فيها الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، فقد ظل الرجل في مرمى نيران الاستهداف منذ أن ظهر في بواكير الثورة، معتلياً منصة الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري، ينافح ويدافع عن المؤسسة العسكرية ويحاول بلسانه العربي المبين أن يحافظ على رزنامة الثورة، في فترة شهدت فوضى وانقسامات واستقطابات حادة، كادت أن تحيد بسفينة الفترة الانتقالية عن مسارها مبكراً، عندما انسدّ الأفق السياسي واشتدت رياح الخلاف بين المكونين المدني والعسكري، حتى كادت أن تعصف بواقع الاستقرار الذي كان يفترض أن يسود الفترة الانتقالية.

 

إن الذين شكّكوا في مهنية الفريق شمس الدين كباشي على خلفية تسريبات منبر المنامة، بافتراض وجود صفقة سرية بين الفريق شمس الدين وزعيم المتمردين عبد الرحيم دقلو بعيداً عن أعين المؤسسة العسكرية، لم يوفقوا في قراءة الواقع، وطاشت سهام تحليلاتهم بمنأى عن الفهم العميق لشخصية الفريق شمس الدين، ومقارنتها بواقع الممارسة والتأريخ الذي يشهد أن الفريق شمس الدين كباشي كان أكثر ضباط الجيش رفضاً لمبدأ الحوار مع ميليشيا الدعم السريع منذ محاولة انقلابها على الجيش في منتصف أبريل من العام الماضي، ارتكازاً على نظم ولوائح المؤسسة العسكرية التي لا تتفاوض مع من ينقلب عليها من منسوبيها، فإما التسليم أو الإعدام.

 

لقد رضخ الفريق شمس الدين كباشي مجبراً، ومثله ضباطٌ كثر في القوات المسلحة، على التفاوض مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة في منبر جدة، حرصاً منهم على سلامة المواطنين، لذلك كان إصرار وفد الحكومة على ضرورة أن تلتزم الميليشيا المتمردة بوقف إطلاق النار وأن تخرج من المناطق السكنية والأعيان المدنية، وهي ذات المطالب التي تكررت في منبر المنامة، مما يعني أن المبدأ ثابت سواءاً كانت المفاوضات في جدة، أو المنامة أو أديس أبابا، أو حتى جيبوتي، وسواءاً كانت بوساطة سعودية أمريكية، أو بوساطة أفريقية، أو حتى بحضور دولة الإمارات المتأمر الرئيس في الحرب على السودان.

 

إن الذين يعرفون الفريق شمس الدين كباشي، يلاحظون للوهلة الأولى مدى انضباطه الملتزم ومهنيته العالية، وكارزيما قوية تحكي عن رجل دولة شجاع لا يخشى في الحق لومة لائم، الأمر الذي جعله محبوباً وسط الضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة، وفي المقابل فإن هذه المواقف الشجاعة، كانت سبباً مباشراً في خلافاته المستمرة مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو والتي بدأت مكتومة، ثم تحولت إلى مواقف وتصريحات سارت بها الركبان، ذلك أن الفريق شمس الدين كباشي كان معترضاً على وجود قوات الدعم السريع في العاصمة وداخل المدن الكبرى، وكان يتشدد على ضرورة إنهاء وجودها ودمجها في القوات المسلحة، هذا فضلاً عن رفض الفريق شمس الدين للامتيازات العسكرية غير المسبوقة التي كان يتمتع بها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو وهو الذي لم يرتاد أو ينتسب إلى أي كلية عسكرية ( تمنطق) قفزته ( غير المبلوعة) بترقيته إلى رتبة فريق أول في الجيش الوطني!.

 

قطعاً من كان يتشدد في رفض مجرد مظاهر الوجود العسكري للميليشيا داخل العاصمة، فمن المنطقي أن يكون أكثر تشدداً تجاه هذه الميليشيا وقد تلطخت أياديها بدماء المواطنين من الأبرياء والعزل، واقترفت في حقهم انتهاكات وفظائع وجرائم لا إنسانية باسم الحفاظ على الديمقراطية، بمساندة قوى سياسية ودول على محيطنا العربي والإقليمي تسعى لتمزيق السودان وتفتيت وحدته وإعادة تقسيمه وفق أجندات وأهواء ومصالح دولية، فأعرضوا عن هذا يا ( هؤلاء ) واستغفروا لذنوبكم وبهتكم الفريق شمس الدين كباشي، فإن صمتَ الرجل وترفّع عن الردِّ على مستهدفيه فذلك لتأدبه وقناعته أن الحجارة لا ترمي إلا الشجرة المثمرة، ومع ذلك يبقى يقيني أن صمت كباشي لن يطول، وأن ( شمسه) ستشرق غداً لتقطع قول كل خطيب، وإن غداً لناظره قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى