مقالات الرأي
أخر الأخبار

إضاءات على مؤتمر دينكا أبيي الثاني: وحدة الصف وبوصلة المستقبل منبر_الكلمة جلال ألجاك ادول

إضاءات على مؤتمر دينكا أبيي الثاني: وحدة الصف وبوصلة المستقبل

منبر_الكلمة

جلال ألجاك ادول

في ظل متغيرات سياسية واقتصادية متسارعة، وتحديات معقدة تمر بها منطقة أبيي، احتضنت مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر أعمال المؤتمر الثاني للمجلس الأعلى للتنسيق لشؤون دينكا أبيي، خلال الفترة من 20 إلى 24 أبريل 2024، تحت شعار “وحدتنا في قوتنا “. وقد جاء الحدث في توقيت بالغ الحساسية، استدعى مراجعة المسارات، ورسم خريطة طريق جديدة لمجتمع أبيي نحو الاستقرار والتمكين.

منصة جامعة بمشاركة نوعية

شهدت قاعة السلام بأمانة حكومة ولاية البحر الأحمر، حضورًا نوعيًا رسمياً في الدولة و من القيادات المجتمعية، والشخصيات المحلية، إضافة إلى ممثلين عن الشباب والمرأة من مختلف ولايات السودان، إلى جانب قيادات المجلس الأعلى. وكان الروح العامة للمؤتمر اتسمت بالحيوية، والنقاش الصريح، والتطلع الصادق نحو التوافق.

مراجعة الأداء… وتثبيت البوصلة

كان أحد الأهداف الأساسية للمؤتمر هو الوقوف على أداء المجلس الأعلى منذ التأسيس، ومراجعة نظامه الأساسي بما يعكس متغيرات الساحة، ويضمن فاعليته في التعبير عن قضايا أبناء دينكا أبيي. كما شكل المؤتمر منبرًا حيويًا لمراجعة الأولويات وإعادة ترتيبها وفقًا للواقع على الأرض.

سبعة محاور… وقضايا تمس جوهر الحياة

ناقش المؤتمر في جلساته المتعددة ثمانية محاور محورية، ارتبطت مباشرة بالواقع اليومي لأهالي أبيي، بدءًا من إدارة الموارد الطبيعية (المياه، المراعي)، مرورًا بالتحديات الأمنية والسياسية التي تراكمت في ظل وجود القوات الأممية، وانتهاءً بالحقوق التنموية والتعليمية والصحية والتمثيل السياسي.

إحدى الأوراق اللافتة، قدمتها الدكتورة هالة خلف الله كرم الله، وتناولت دور الشباب والنساء في تعزيز النسيج الاجتماعي وبناء السلام، معتبرة أن المستقبل لا يمكن تصوره دون إشراك هذه الفئات بشكل حقيقي وفعال.

الإعلام كفاعل في السلام والنزاع

خصص المؤتمر جلسة مهمة لدور الإعلام، تناولت أثر الخطاب الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي على القضية، وأهمية تطوير استراتيجية إعلامية موحدة تساهم في بناء صورة إيجابية للمنطقة، والدفاع عن حقوق أهلها، والترويج لفرص السلام والاستثمار في أبيي.

منصة للمطالبة بالحقوق… وبناء مستقبل مشترك

خرج المؤتمر بجملة من التوصيات التي ، حملت في مضمونها مطالب واضحة وعملية، أبرزها:

المطالبة بنسبة 2% من إيرادات البترول المستحقة للمنطقة وفقاً لاتفاقيات سابقة.

تقديم الإغاثة والمعونات الإنسانية، وتطوير المستشفيات وتحسين الخدمات الصحية.

دعم برامج التعليم، لا سيما في المناطق المتأثرة بالنزاع، وتوفير فرص مستدامة للتعليم الريفي.

دعم المستنفرين، وتعزيز الأمن، وتمكين المواطن من الاستقرار والتنقل الآمن.

إنشاء لجنة مشتركة من الشباب والمرأة والإدارة الأهلية لتكون رافعة للتنسيق المحلي.

المطالبة بحقوق أبناء أبيي في المؤسسات الحكومية، بما في ذلك معاشات الخدمة العامة.

إدراج تاريخ أبيي في المناهج الدراسية، وإعادة كتابته بأقلام من أبناء المنطقة.

تأسيس مجلس وطني للشباب والسلام، وتخصيص 30% من مقاعد مفاوضات السلام للشباب والنساء.

إطلاق برامج دعم المشاريع الصغيرة، خاصة في المناطق الريفية ذات الأولوية.

ما بين الواقع والمأمول… وتحديات الاستمرارية

رغم الحفاوة التي قوبلت بها التوصيات، إلا أن المشاركين أجمعوا على أن النجاح مرهون بتحويل هذه المخرجات إلى خطة تنفيذية بآجال محددة وآليات متابعة دقيقة. من بين التحديات التي ظلت دون حسم، مسألة التمثيل السياسي العادل، وغياب البنية التنسيقية الموحدة بين أبناء أبيي في مختلف ولايات السودان.

الطريق إلى المستقبل… يبدأ الآن

لقد بعث المؤتمر برسالة قوية مفادها أن أبناء أبيي، على اختلاف خلفياتهم، متفقون على ضرورة تجاوز الماضي، والتركيز على بناء مستقبل قائم على الحقوق، والتنمية، والعدالة. ويبقى التحدي الحقيقي في تنفيذ هذه الرؤية على الأرض، عبر شراكات متينة بين المجتمع الأهلي، والدولة، والمنظمات، والشركاء الدوليين.

إن الخطوة القادمة بعد هذا المؤتمر تتطلب تعبئة شاملة، إعلامية وشعبية، لتثبيت ما تم التوصل إليه، وتحويل أبيي من منطقة نزاع، إلى منطقة نموذجية في التعايش والإنتاج والاعتراف بالحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى