
دلالة المصطلح
وقيع الله حمودة شطة
معالم في طريق التشكيل الوزاري القادم (٢)
ذكرتها في المقال الأول- وهي ملاحظة مهمة نستهل بها موضوعات المقال الثاني – وهي ، إن إدارك رئيس الوزراء الإنتقالي الجديد لمفهوم الأمن القومي الوطني ، والسيادة الوطنية ، وصون قيم الشعب السوداني ، تجعله مدركا لدوره ، ومهام الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ، وأهداف معركة الكرامة ، التي يقودها السودان وشعبه ضد العدوان والمؤامرات الإقليمية والدولية ، مما يجعله مؤهلا للتعاطي مع مطلوبات المشروع الوطني للسلام والمصالحة الوطنية العامة ، وإعادة الاستقرار والأمن والإعمار والتعايش ، والتواصل الخارجي ، وفقا للمبادىء والأسس والقيم الوطنية ، وبناء استراتيجية سودانية خالصة لإعادة البناء والتعمير والتنمية ، لدرء آثار الحرب المدمرة ، التي خربت ما شيده أبناء السودان الوطنيين الشرفاء.
نقلت هذا النص كاملا من المقال السابق ، ليمثل مدخلا لما نريد أن نقوله في هذا المقال وفي مقدمته ، أن السيد رئيس الوزراء وبعد التفويض العام والصلاحيات الواسعة التي منحت له يحتاج أن يكون شجاعا وقويا في اتخاذ قراراته وحمايتها ومتابعة تنفيذها ، وأن يفلت بإرادته وعزمه من مراكز القوة الخفية وشلليات الليل الدامس ، التي ظلت تعرقل مسيرة عملية صناعة القرار السياسي الراشد في السودان ، وأنا ( الكاتب) بصفتي شاهد عيان على هذا بدراسة علمية بحثية ميدانية أجريتها على دراسة حالة جمهورية السودان في مراحل اتخاذ القرار السياسي برسالة علمية في درجة الماجستير تحت عنوان ( صحافة الرأي العام وانعكساتها على صناعة القرار السياسي .. دراسة حالة جمهورية السودان بالتطبيق على الأمانة العامة لمجلس الوزراء السوداني) ، كانت دراسة ميدانية عميقة استغرقت خمسة عشر شهرا في أروقة إدارات الأمانة العامة لمجلس الوزراء المختلفة ، وقد نالت درجة الأمتياز عند المناقشة بكلية الإعلام بجامعة إفريقيا العالمية ، ووصت لجنة الحكم والمناقشة بطباعتها لاهميتها ووصفتها بالفريدة في مجالها وهي دراسة بحثية أكاديمية انطلقت من فكرة مراقبة ومتابعة الصحافة والإعلام لعملية مراحل صناعة القرار السياسي في البلاد ، كيف يصدر القرار ويتخذ بمراحله المختلفة من جمع المعلومات والبيانات ، والحاجة إليه ، واهميته وجدواه ، وتحقيقه للمصلحة العامة وليست مصلحة جماعة محدودة ، إلى موضوعيته بحيث يكون قابلا للتنفيذ ، ومروره بدوائر المؤسسية ، وآليات وأدوات مراقبته ومتابعته وتنفيذه وحمايته ، وقدرته على مواجهة ومعالجة المشكلات التي تعترضه ، وحمايته بإجراءات مهنية دستورية وتشريعية وقانونية من عبث مراكز القوة ، وجماعات الضغط والمصالح الخاصة ، والسلطات الدكتاتورية الفوقية ، والقرارات الارتجالية اللحظية العاطفية لمركز السلطة العليا ، وقابلية هذا القرار السياسي للتقويم والتقييم والمراجعة ، وأن يكون له بدائل وخيارات ، هذه هي مراحل اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة الحازمة الراشدة ، التي تحقق المصلحة العامة بدراسة ودراية ، وهذا ما نأمل أن يسير عليه السيد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس ، وهذا من جانب آخر يدل بجلاء على أهمية دور الصحافة والإعلام ، خاصة صحافة الرأي العام في رفد صناع القرار السياسي في الدولة بالمعلومات والبيانات والتحليلات والنقد الموضوعي والمقترحات والأراء البناءة التي تعين صانع القرار السياسي ، وهذه من أهم وظائف الصحافة ، الإرشاد والتنوير والتحليل وإيجاد البدائل والخيارات والمقترحات النافعة الصادرة عن تفكير إبداعي، وعصف ذهني ينطلق من معرفة علمية وليس تخمينا ومحاكاة وتقليدا ، وللأسف الشديد – هذا ما لا يعرفه كثير من السياسيين والتنفذيين والإعلاميين وصناع القرارات السياسية والإدارية التي جاءت بهم المصادفات والمحاصصات والمحسوبية إلى نوافذ الوظيفة العامة في الدولة.
ونعود إلى مرة أخرى إلى ما ذكرته من تحديات تواجه السيد رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس ، وهي تحديات كثيرة نتوقف عند ثنيتين منها الأولى: خطورة جماعات المصالح والضغط والمصالح الخفية التي تمارس الانتهازية السياسية ، وللأسف الشديد البيئة السياسية والاجتماعية السودانية موبوءة بها الداء المهلك ، حيث يبدأ من الأسرة والقبيلة والجهة الجغرافية ، والمعارف والأصحاب والزملاء وينتهي بالحزب السياسي أو الجماعة الفكرية والثقافية.
الثانية: غياب المعلومات الجغرافية والديمغرافية والاجتماعية ، والكفاءة العلمية والمؤهلات الأخلاقية عن صانع القرار السياسي والإداري عند اختيار رجال الدولة ، وقيادات الوظائف العليا والإدارات العامة ، للأسف الشديد – لقد لاحظ الرأي العام وتابع الناس مسؤولين ارتقوا في سلم قيادة الدولة والوظائف العامة كانوا مدعاة للسخرية والهزل والضياع ، جاءت بهم أقدار الزمان ، والفساد والمحسوبية ، والترضيات العاطفية ، وقرارات غرف النوم وجماعات المصالح والضغط المتطفلة ، لا يعرفون صفة رجل الدولة وصانع القرار السياسي وسماته وطبيعة شخصيته ، حتى وصل بنا الحال أن سمعنا من هو في قمة هرم الدولة يقول: (هدفنا ما عندنا هدف) !! وآخرون ينتحلون صفة الناطق الرسمي باسم الحكومة ، أو الناطق الرسمي باسم الجيش ، وآخرون يتخذون قرارات سياسية في لقاءات حشود وتعبئة جماهرية ، وآخرون يتبرعون بمال الدولة والخزانة العامة (وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي) بعد إجازة الموازنة العامة وتحديد أوجه الصرف ، ومشروعات التنمية والخدمات في الدولة!! هذا هو عبث الفاشلين في الوزارة والدولة ، فاعلمه يا سيادة رئيس مجلس الوزراء.
ونختم مرة أخرى – وربما نعود مائة مرة – لانموذج ولاية جنوب كردفان والمنطقة الشرقية خاصة ليس لأني.. ( الكاتب) منها ، ولكن بصفة كاتب صحافي ومحلل سياسي ومراقب ، وباحث أكاديمي في الإعلام السياسي وفقه الدولة ، بتجربة إعلامية أكاديمية مهنية ، وتجربة سياسية ونيابية سابقة ، وموقفي الوطني القومي الذي يعرفه كل قرأ ويقرأ ويتابع عمودي الصحافي ( دلالة المصطلح) منذ أكثر من عقد من الزمان في الصحافة السودانية ، والمنابر والمؤسسات الإعلامية المختلفة داخل البلاد وخارجها ، يعرف المبدأ الذي أسير على منواله ، فبمثل ما نتحدث ونؤمن بوحدة السودان وشعبه وقوته وعزته وسيادة أرضه وهيبة الدولة والحكومة ، وسيادة حكم القانون والعدالة الاجتماعية والديمقراطية ، والنهضة الشاملة للبلاد والشعب ، وصون القيم العقدية والفكرية والثقافية والحضارية للبلاد والشعب ، كذلك المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والحنين الجغرافي والتاريخي يدعونا عن نتحدث ونرفع صوتنا عاليا بالتحدث عن مظالم تاريخية للمنطقة الشرقية المحليات الثماني بولاية جنوب كردفان ،
فبالإضافة إلى أسماء شاغلي المناصب العليا الدستورية والسيادية والعسكرية والتنفيذية التي تشغل مواقع إتحادية ولائية باسم جنوب كردفان الجغرافي ، والتي ذكرتها في المقال الأول ، نضيف لنقول: إن الدكتور صديق تاور عضو المجلس السيادي السابق ، والعميل الدكتور عبدالله حمدوك سيء الذكر ورهطه ، دكتور حامد البشير الذي شغل منصب الوالي في جنوب كردفان ، ويوسف الضيء ، المهندس مبارك أردول في الوزارة السابقة ، كلهم كانوا من الدلنج الكبري وكادوقلي، ولعل سيادة الأخ الفريق أول ركن شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني ، وعضو مجلس السيادة ، والمشرف السياسي لكردفان الكبري ، والذي سندنا ظهره ودافعنا عنه بمواقف تظل باقية ، وهو موقف طبيعي لنا ، كونه شخصية عامة للسودان ومن كردفان خاصة ، ونحفظ له الإحترام ، يعلم علم اليقين ما نقوله ونكتبه عن ظلم المنطقة الشرقية ، ونأمل أن يكون في مركز القائد القومي المنصف والهميم ، فلا يزال المستقبل أمامه مهم ومأمول ، فالمنطقة الشرقية من جنوب كردفان يقطنها أكثر من مليون نسمة ، وهي مخزن الموارد من الذهب والصمغ العربي والزراعة والغابات والبساتين الشهيرة في أبي جبيهة وتجملا ورشاد ، والثروة الحيوانية ، والعطاء الإنساني الجهادي لشباب الشرقية في خارطة الوطن وحرب الكرامة والمساهمة القومية ، ورغم هذا لم يكتمل الطريق الدائري الذي ، هو ليس لجنوب كردفان ولا الشرقية ، بل للسودان كله فهو طريق استراتيجي واقتصادي يربط السودان بأطول شريط حدودي مع دولة جنوب السودان ، وأهم مناجم الذهب وأكثرها في جنوب كردفان في المنطقة الشرقية ، وأكبر إنتاج للصمغ العربي في السودان من المنطقة الشرقية ، وكانت محلية أبو جبيهة تأتي بعد محلية الخرطوم بحري عاصمة الصناعة السودانية من حيث الموارد الذاتية والإرادات ، ورغم هذا لم يكتمل مشروع الكهرباء الدائرية في الشرقية ، وجامعة شرق كردفان تعاني من التجاهل المركزي والولائي، والآن الشرقية تعاني من ليل بهيم لأزمات ثلاث ، حرب جنوب كردفان التاريخية التي يشعلها المتمرد الدارفوري المرتزق عبد العزيز الحلو ، وحرب التهميش والظلم التاريخي للمنطقة من الحكومة المركزية وحكومة الولاية ، والحرب الوجودية التي فرضت على السودان بمؤامرة إقليمية ودولية، وبأدوات محلية خائنة ومرتزقة ( الحرية والتغيير وحمدوك ورهطه ).
وأما الآن والبلاد على مشارف مرحلة تكوين وزاري جديد ، يتحدث فيه الناس عن حكومة إنقاذ وطني وإعمار وعدالة اجتماعية وسيادة حكم ، القانون والديمقراطية،
والتوزيع العادل للسلطة والثروة لا التقسيم ، في إطار سلام عادل ووحدة وطنية، – نحن أبناء المنطقة الشرقية – من جنوب كردفان نريد أن نأخذ موقعنا الطبيعي في التمثيل السياسي في المركز والولاية في مجلس السيادة ومجلس الوزراء والهيئات والإدارات العامة المركزية، والوزارة والإدارات العامة بالولاية ، وأن نرى اكتمال مشروع الطريق الدائري والكهرباء الدائرية ، وإعادة تأهيل واكتمال مؤسسات جامعة شرق كردفان ، ونطالب بقيام ولاية شرق كردفان ، ولعل المنطقة الشرقية من تلودي والليري وكلوقي وأبو جبيهة إلى رشاد والعباسية تقلي وأبو كرشولا والتضامن غنية بالكوادر السياسية والفكرية والعلمية والوطنية والعسكرية ، نذكر منها ،السيد أبشر محمد الحسن رفاي علوي ، والدكتور أبوبكر كوكو ضحية ، والفريق دفع الله الرحيمة ، والخبير الاقتصادي الدكتور علي إبراهيم ترك ، والخبير المصرفي الدكتور بشير أبو نخل ، والعميد محمد الدود مريض ، والدكتور عيسى أزيرق ، والمجاهد معاوية صالح بابكر ، والعميد يزيد دفع الله عبد الرحيم رشاش ، والدكتور إبراهيم آدم كلكة ، والخبير المصرفي عيد عبد المنعم محمد ، والسيدة عنايات علي الطاهر ، والبروفسيور إبراهيم عمر الأمين ، والدكتور بابكر صالح الطيب حاج أحمد ، والدكتور يوسف الحارث منوفلي ، والسيد سعيد محمود عبد الرحمن ، والدكتور أزهري علي قيدوم ، والفريق أول يوسف الحسن ، والسيدة رقية سعيد عبد الرحمن ، والأستاذ متوكل عبد الله يوسف ، واللواء طبيب الريح النور ، والأستاذ الفاضل آدم الزبير ، والسيد عمر الرحيمة ، والدكتور خالد مصطفي ، هذه نماذج فقط لعشرات القيادات من أبناء المنطقة الشرقية ، وسوف نتناول جانبا من مؤهلاتهم العلمية والمعرفية والأخلاقية وتجاربهم العملية والوطنية وخبراتهم في العمل الوطني والسياسي في مقال آت.. بإذن الله…. نواصل.