مقالات الرأي
أخر الأخبار

فليكن إرثك ، كرامة الوطن و المواطن … ٤٤ حسام الدين محجوب على

فليكن إرثك ، كرامة الوطن و المواطن …
٤٤
حسام الدين محجوب على

هذه الحرب… لم تكن مجرد صراع مسلح بين فصائل حتى و ان كان احداهما الجيش الوطنى ، بل كانت زلزالًا كشف هشاشة ما تعارفنا على تسميته بالدولة، وأسقط كل الأقنعة:
• أقنعة الطائفية،
• أقنعة الإيديولوجيا،
• أقنعة القبيلة،
• أقنعة الزيف الوطني.

هذه الحرب… علّمت المؤسسة العسكرية درسًا جوهريًا ، أن قوتها ليست في سلاحها، ولا في رتبها، بل في شعبها و أن شرعيتها لا تأتي من فوهة البندقية، بل من الحاضنة الوطنية التي تحميها وتحتمي بها.
الأكيد ، أن الجيش السوداني الوطني لن يوجه سلاحه بعد اليوم إلى صدور أبناء بلده.

هذه الحرب… قضت على الاستعباد السياسي باسم الطائفة، والمزايدة باسم الدين، والمساومة باسم القبيلة.
كسرت حواجز الزيف، وجمعت السودانيين في خندق وطني واحد:
• مسلم بجوار مسيحي،
• شمالي بجانب غربي،
• شرقي مع جنوبي،
جميعهم يحاربون لأجل وطنٍ واحد، لا شعوب “سودانية” متعددة متنافرة كما زعم المتآمرون.

هذه الحرب… وضعت حدًا لفكرة المليشيا فوق الدولة، أو السلاح خارج الجيش، أو الحق يُنتزع بالقوة دون شرعية.
لا مستقبل لسودان تنهض فيه الفوضى، ولا بناء مع السلاح المنفلت.

هذه الحرب… أخرجت كل سوداني من دائرة “التهميش” ليدخل دائرة “التكليف الوطني”.
لا تمييز إيجابي بعد اليوم، بل علمٌ وعملٌ وعدالةٌ في الحقوق والواجبات.
السودان كله يبدأ من الصفر، لا فضل لمكان على آخر، ولا حق يُنال إلا بالجهد والتفاني.

رسالة هذه الحرب كانت واضحة: إما سودان شامخ بكل أبنائه، أو لا سودان على الإطلاق.
إما سودان الكرامة والحرية والانتماء، أو وطن مشاع يتنازعه الطامعون.

وإن كان من إرث تُخلّفه، دولة رئيس الوزراء،

فليكن: إعادة كرامة المواطن السوداني.

دكتور كامل إدريس،
لقد سعيتَ للسلطة بحق، وطلبتَها من موقع المسؤولية لا الطمع كما ذكرت ، فلك ألف حق، فأنت مواطن سوداني كريم، يستحق أن يخدم وطنه في أعلى المناصب.
قبلك الشعب السوداني، لا لأنه يبحث عن مخلّص، بل لأنه رأى فيك رجل دولة، لا رجل شعارات يخيب أمله كمن سبقوك .
رآك في زمن عزّ فيه العقل، وقلّ فيه من يقبل بهذا التكليف وسط الموت والخراب… فقبِلت.
وتلك وحدها شهادة أنك لم تبحث عن مجدٍ شخصي، بل عن خلاصٍ وطني.
الشعب السوداني، وهو يسقي الأرض بالدماء، قبل بك آملاً أن تكون المتراس في وجه كل الإهانات، وأن تتمترس به و خلفه، لا فوقه.
أملوا فيك أن تكون خادمًا لشعب سيد، لا سيدًا على شعب مُهان.

اليوم، تبدأ مسؤوليتك الثقيلة، لا لبناء حكومة فحسب، بل لبناء نظام سياسي جديد، حديث، دائم، غير محتكر، وغير قابِل للتوريث أو الالتفاف.
نظام يُخرج السودان من دوامة الانقلابات والخيانات والانقسامات.

فلتكن أولى معاركك: كرامة المواطن السوداني.

لا تستمع لمن يزين لك “التغاضي عن الإهانة” من أجل “مصلحة كبرى”، فالمصالح الكبرى لا يصنعها إلا الكبار ، ممن لهم كرامة .
• من يحتقر السوداني عند الحدود، لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء وطنه.
• من يمنع السوداني من دخول بلاده، لا يُؤتمَن على شراكته.
• من يصدر قرارات عقوبات على وطنك، لا يبنيه معك.
• من يموّل حربًا على شعبك، لا يُمكن أن يكون حليفًا في السلام.
• من يستقبل عملاءً يهينونك في عقر دارك، لا يستحق دور الوساطة.

ضع قانونك… وليكن: “كرامة المواطن السوداني فوق كل اعتبار”.
قانونك ؛
• يمنع دخول من أهانوا السوداني، ولو كانوا من حملة الجوازات الأجنبية.
• يحفظ صادرات السودان لمن يحترم شعبه و لا يصدر عقوبات بحقه .
• ارسل رسالة لكل العالم: أن للسوداني دولة تُدافع عنه، لا تتوسل باسمه.

حماية كرامة السوداني في الخارج، هي أول معركة بناء الدولة الجديدة و حفظ حقوقه في الداخل، هو معركة الاستقرار الحقيقي. إعادة ثقة السوداني في نفسه ووطنه، هي البداية الحقيقية للتنمية.
أنشئ آلية دائمة، مستقلة، لا تتبع مزاج السفراء ولا أوامر الخارج، بل تتبع وجدان الوطن، لرعاية السوداني اللاجئ، الضعيف، المغلوب… حتى يعود إلى بلاده مرفوع الرأس.

دكتور كامل،
لن يُحترم السودان في الخارج حتى يشعر السوداني بأنه محترم في وطنه.
ولن يُصدّق العالم أن لدينا مشروعًا نهضويًا، حتى يشعر السوداني أن له كرامة محفوظة و يراها الآخرون .

تلك هي الرسالة، وذلك هو الإرث:
فليكن إرثك … كرامة الوطن والمواطن.

إن حفظتَ كرامة هذا الشعب، فقد بنيتَ وطنًا لا يهتز.
وإن ضيّعتَها، فلن تبقى سلطة ولا علم ولا ثروة تصمد أمام الانكسار المعنوي.

فلتجعل إرثك…
كرامة الوطن والمواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى